قاسم العجرش
تداخلت مبادئنا وعاداتنا مع أفكار مشوهة، حملتها لنا رياح الثقافات الغربية، فمسخت ملامح شبابنا، وجعلتهم فريسة سهلة لكل ما هو جديد، دون النظر إلى عمق وتبعات ذلك.
"open mind" و"close mind"، مصطلحان يتم تداولهما هذه الأيام؛ بين الشباب والفتيات بشكل ملحوظ، إلا أنه عندما تسأل أحدهم عن معنى المصطلحين، يعطيك إجابة مشوشة، وربما تصطدم بجهله التام، وهذه الظاهرة انتشرت بين الشباب من كلا الجنسين، رغم أنهم لا يعلمون في الأساس معنى هذا المصطلح، فقد نرى شابا يطلق على نفسه، إنه "open mind" وعندما تتعامل معه، تكتشف إنه شخصية منغلقة جداً.
open mind، أصبح يستخدم للتستر على قضايا وظواهر، باتت آفات وكوارث مجتمعية يفعلها الشباب، مبررين ذلك بأنهم أصحاب عقلية متفتحة، مثل تدخين السجائر ونعاطي المخدرات وممارسة علاقات غير شرعية، أو ما يعرف بـ sexphone أو sexualhome، وهم يرون في ذلك تحرراً فكرياً.
الشباب ومن كلا الجنسين، يسيئون مفهوم "open mind"، على صعيد الفتيات فإن التحرر يُساء فهمه، فبعضهن يرين أن الفتاة المتحررة؛ لها فرصة أكثر في الزواج، لأن فرصة التقائها بالشباب أكثر، وتعتقد بعض الفتيات؛ أن خلع الحجاب ولبس الجينز واتخاذ boyfriend، وقول الألفاظ البذيئة والشتائم الفجة، هو عنوان للفكر المتحرر!
كذلك الحال بالنسبة للشباب الذكور، الذين يفسرون معنى "open mind" تفسيرا خاطئا، كأن يقوم بأي فعل جنوني أو خاطيء، مبرراً فعلته بأنه شاب open mind، ومن الشباب من يعتبرون الفتاة " open mind "، من خلال الملبس والمظهر الخارجي، وطريقة التعامل مع الأصدقاء، فمثلاً عندما تلبس إحداهن تنورة قصيرة جدا، أو بلوزة ضيقة شفافة تظهر مفاتنها، أو بنطلون ممزق وتضع مكياج صارخ، يقولون عنها إنها متحررة، وبعض الشباب يعتقدون أن الفتاة المحافظة، لا تمتلك ما تمتلكه الفتاه المحررة من جاذبية وكاريزما.
زيادة الانغلاق على الشباب قد يكون سبب ذلك، فقد ينشأ في أسرة منغلقة متشددة، ليتعامل بعد ذلك بشكل خاطئ في المجتمع، كأنه سجين ثم تم الإفراج عنه، فهو يريد أن يفعل أي شيء في أي وقت وأي مكان، ومة من يترجم الحرية والتحضر والعولمة في إطار محدد، بإقامة علاقات غير شرعية، واقتراف أفعال ماجنة؛ غريبة عن مجتمعنا وديننا.
مصطلح "open mind"، معناه أن يكون العقل متفتح متعلم وناضج ومثقف، له أسس وعقائد ثابتة يؤمن بها ، ولديه مرونة وقابل للتجديد والحوار، بما يناسب ثقافة مجتمعه وشخصيته ومعتقداته الدينية، بعكس الـ Close mind مُغلق العقلية, الذي يرى العالم بنظرة أُحادية، معتقدا أن فكرتهُ صحيحة وسوى ذلك كُله خطأ .
أما الـ "free mind" أو الشخصية المتحررة هي مفهوم أطلق الأمريكان والأوروبيون، والذي يعطي الصورة المعروفة للغرب، بكل التفاصيل الحياتية، التي تبدو غريبة وشاذة، عن أفكار ومعتقدات وتقاليد مجتمعاتنا العربية.
الفهم الخاطيء لمعنى الحرية وحقوق الإنسان، هو الذي أدى لسوء فهم مصطلح ال"open mind"، ونتيجة العولمة وانفتاح العالم على بعضه، ليصبح بمثابة القرية الواحدة ،جعل كثير من شبابنا يرى الشخصية صاحبة العقل المتفتح، والمعروفة بـ "open mind"، كما لو كانت "free mind" النسخة الأوروبية، فأصبح شبابنا من الجنسين، يرون أن الشخصية ذو العقل المتفتح "open mind" هي النموذج الأوروبي، ليترجموا معنى الحرية، بالعري وتسقيط البنطلون، وممارسة الأفعال الشاذة والعلاقات الغير شرعية وشرب الخمور وغيرها.
هذه المصطلحات الغربية، أثرت سلبياً على مجتمعنا، حيث زادت نسبة العنوسة والعلاقات الغير شرعية، وارتفعت نسبة الطلاق، والجرائم الأخلاقية؛ التي تمارس تحت مظلة هذه الأفكار والمصطلحات، بالإضافة إلى التنشئة الاجتماعية، البعيدة عن عادات وتقاليد مجتمع عربي متدين.
مجتمعنا ليس موحد الثقافة، وهو مجتمع متعدد الثقافات والآراء، وكل طبقة وفئة تفسر أي مصطلح أو ظاهرة، من منظورها الثقافي والاجتماعي الخاص، ويعاني فجوة واسعة بين طبقاته؛ وبالتالي وجود فجوة في ثقافاته، حيث أن كلل طبقة ثقافة مختلفة عن الأخرى، فالطبقات ذات المستوى الاقتصادي المرتفع، تختلف ثقافتهم عن الطبقات المتوسطة والطبقات الأدنى، كذلك ثقافة القرية تختلف عن ثقافة المدينة.
https://telegram.me/buratha