المقالات

قراءة إيجابية في ذهاب الحكيم الى المعارضة..!


طيب العراقي

 

لا تكفي قراءة خواتيم الأعمال؛ للوصول الى الحقائق، فغالبا ما تكمن الحقيقة في البدايات؛ أو ما يطلق عليه أدبيا أسم المقدمات.

المقدمات الصالحة؛ تنتج عنها نتائج صالحة والعكس صحيح، وفي قصة بناء التحالفات السياسية؛ التي سبقت الإنتخابات الأخيرة، ثمة مقدمات تحتاج الى قراءة مهنية، لكي نفهم ما حدث وما سيحدث لاحقا أو ما يجب أن يحدث.

كان من الواضح أن مستوى الإنسجام العقائدي؛ بين أطراف تحالف الإصلاح على أقل مقاديره، ولم يكن ذلك وحده هو المفقود، بل أن الوسائل والأدوات والتوجهات هي الأخرى؛ كانت متباينة الى حد كبير جدا، وإذا كان هناك حد أدنى من التوافقات بين قيادات تحالف الإصلاح، فإن القواعد الجماهيرية لمكونات التحالف، مختلفة إختلافا جذريا نوعا ومطالبا وعقائدا وتوجهات، وتتسع فجوة الإختلافات كلما نزلنا الى قاع القواعد.

أثبتت وقائع الأحداث والأيام، أن إئتلاف النصر الذي تزعمه العبادي؛ هو بلا قاعدة جماهيرية حقيقية، بل هو إئتلاف تشكل لدعم طموحات العبادي، الذي نزع جلده العقائدي؛ مستثمرا وجوده على رأس هرم السلطة؛ كي ينال ولاية أخرى لرئاسة الوزراء؛ بدعم أمريكي لا محدود ليكون رأس الحربة؛ في الحرب الامريكية ضد الجمهورية الاسلامية في إيران.

بالمقابل فإن إئتلاف سائرون؛ المتشكل من التيار الصدري والشيوعيين، والذي يعتبر العمود الثاني في تحالف الإصلاح، لكنه وإن بدا متناشزا عقائديا، إلا أن الشعبوية تشكل رابطا قويا بين مكوناته، فضلا عن عقائدية الصدريين وإرتباطهم بالسيد مقتدى الصدر، ناهيك عن أنه لم يكن منخرطا بالمشروع الأمريكي، مثلما هو حال العبادي والجماعات الإنتهازية المرتبطة به، والذين تورطوا بشكل مفضوح وعميق  بوحله.

فيما يتعلق بتيار الحكمة؛ فالقصة مختلفة تماما، حيث كاريزما السيد عمار الحكيم وأرثه العائلي، ونوعية المرتبطين بتياره، التي ليست من سنخية شعبوية إئتلاف سائرون.

الذي حدث قبيل الإنتخابات؛ هو أنه جرت عملية إيهام ممنهج للجمهور، هدفها جعله مؤمنا بعدم اهمية البعد العقائدي في العمل السياسي، وكان ذلك خطأً إستراتيجيا كبيرا، وقعت فيه الأطراف التي شكلت تحالف الإصلاح، وهذا الخطأ هو ما تسبب لاحقا؛ بفشل هذا التحالف وبالتالي تشضيه، فيما كان تحالف الفتح منسجما عقائديا الى حد كبير، مع خطوة محسوبة الى حد ما؛ بالتحالف مع أطراف سنية؛ لتشكيل كتلة البناء العابرة للطائفية.

لقد تصرف إئتلافي الفتح وسائرون بموضوعية وحنكة؛ عندما مدا جسور التفاهم بعضهما بعض، لدعم إختيار السيد عادل عبد المهدي رئيسا للوزراء، وكانت تلك نقطة البداية لهدم تحالف الإصلاح، وكانت نقطة البداية لتحالف عملي بين الفتح وسائرون، وهو ما كان يجب أن يحصل، حتى قبل الإنتخابات النيابية الأخيرة!

عندها أكتشف السيد الحكيم، أنه كان من الاخطاء الإستراتيجية، الصعود في مركب اقطابه سائرون والنصر، إذ كان عدم الانسجام واضحا؛ حتى لمن يمتلك خبرة سياسية بيسيطة، ولما كان من العسير؛ بل من المستحيل على الحكيم، أن يصعد في مركب يقوده الفتح وسائرون، لإعتبارت عديدة في مقدمتها الإعتبارات الشخصية، قرر الذهاب الى نوع جديد من المعارضة، يحتفظ بها رجاله بمناصبهم في الحكومة، لكنه يعارضها؛ لأن عينه على الإنتخابات القادمة!

الصدر لم يأخذ رأي حليفه الحكيم، عند إتفاقه مع غريمه العامري؛ حول دعم عبد المهدي لتشكيل الحكومة، لذلك فمن المؤكد أن الحكيم لم يشاور الصدر، عندما قرر تفتيت تحالف الإصلاح بالذهاب الى المعارضة؛ لكنه كان بالتأكيد متفقا على هذه الخطوة؛ مع حليفه الآخر زعيم إئتلاف النصر حيدر العبادي، أما سُنّة الإصلاح فقد كانوا كمالة عدد، لا يغني التشاور معهم شيئا، وإن حصل فقد كان لإبراء الذمة وللعلم فقط.

الحقيقة التي يجب أن يقر بها أطراف الإصلاح؛ هي أن تشظي تحالفهم؛ جاء نتيجة لفقدان البعد العقائدي أولا، ولعدم الإنسجام ثانيا، لكن قبل ذلك ثمة سبب أكبر، هو أن الفشل كان نتيجة حتمية وطبيعية؛ لفشل المشروع الامريكي في المنطقة، وهذا ربما ما توصل اليه الحكيم، فأراد النأي بنفسه عن هذا المشروع القذر.

مستقبل العراق الحقيقي؛ يكمن في اقامة شراكة إستراتيجية مع المحور المقاوم، وليس مع محور الخنوع والابتزاز والتطبيع.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك