محمد كاظم خضير
يوماً بعد يوم تتسع دائرة الإرهاب الموجه إلى المدنيين. العراقيين بسطاء لا حول لهم ولا قوة يجدون أنفسهم فى لحظة غادرة فى مرمى نيران لا ترحم طفلاً أو شيخاً أو سيدة. عندما توكّل الإرهابيون على شيطانهم وعقدوا العزم على حصد أرواح المدنيين من أبناء الشعب العراقي المسالم اختاروا المصلين. بدأ الاستهداف بالمصلين المتبتلين والمتعبدين لربهم ، بعدها دخل المصلون بالمساجد دائرة الاستهداف، وكان تفجير المصلين بحسينية البلديات امس و قلبها الكثير من المساجد والحسينيات ، .. والسؤال: لماذا اختار الإرهابيون المصلين عندما قرروا توجيه غدرهم إلى المدنيين من أبناء هذا الشعب؟.
السبب الأول يرتبط بالتركيبة الشيطانية لنفسية الإرهابى. مؤكد أن من يوجه رصاصاته إلى إنسان آخر لا يوجد بينهما سابق معرفة مسوق بتركيبة نفسية شيطانية. فكّر معى فى مشهد يظهر فيه قاتل يرتدى ملابسه ويلبس حزامه الناسف ، مقابل مشهد آخر يسير فيه شيخ أو طفل أو سيدة فى طريقهم إلى مسجد ليذكر ربه ويتعبد إليه ويرجو صلاح الدنيا وحسن ثواب الآخرة. انتقل إلى مشهد ثالث تجمع فيه الصدفة البحتة بين القاتل والشهيد، هى المرة الأولى التى يرى فيها القاتل وجه ضحيته، فيفجر بحزام ناسف على صدره ويسقط شهداء ، . أى نفس شيطانية تلك؟!. يقول الله تعالى فى شأن هذه الفصيلة البشرية: «اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُولَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ». لا يمكن أن يكون هناك تفسير أدق لاستهداف الإرهاب للمصلين بالمساجد من التفسير الذى تحمله هذه الآية. فالشيطان يستحوذ على الإرهابى بشكل كامل، ويسوقه سوقاً، والشيطان عدو لله، وعدو للبشر الذين يذكرون الله، والمساجد هى الواحات التى يخلو فيها المؤمن إلى خالقه، لذا من الطبيعى جداً أن يتوجه الإرهابى الذى يسوقه الشيطان إلى المتعبدين بها، ويجعلهم هدفاً له.
السبب الثانى يتعلق بالدلالة الرمزية للمساجد . العامل الرمزى يحضر بشدة فى الكثير من العمليات الإرهابية، منذ أحداث ٢٠٠٣. الذى تمت تربيته فى حدائق الشيطان يحب أن يوجه ضرباته إلى رموز معينة. «أبوبكر البغدادي وابن لادن » ، فى وقت اختار فيه الإرهابيون فى العراق المساجد كرموز دالة على الإيمان. إيمان هذا الشعب بمسلميه يعد العنصر الأهم من عناصر قوته. لذا تجد الإرهاب يتوجه إلى واحات التعبير عن القوة اليمانية .
السبب الثالث يتصل بحالة الأسر التى يعيشها الإرهابيون. إنهم أسرى كبارهم وأمرائهم الذين ربوهم على الغدر. والإرهابى يعشق الغدر، ويعيش إحساساً خاصاً بهذا العشق وهو يريق الدماء داخل أكثر الأماكن التى يهرع إليها العراقيون بحثاً عن «الأمن»: المسجد . تجارب التاريخ تقول إن العراقيين عادة ما يهرعون إلى المساجد عندما يواجهون شراً أو خطراً أو شدة، فهى بالنسبة لهم أكثر البقاع أماناً. لكن هناك نفوساً نسجها الغدر تجد فى هذه الأماكن المقدسة ساحة لممارسة شهوتها فى الغدر بالآمنين. تلك هى أسباب استهداف الإرهاب لـ«المصلين».
https://telegram.me/buratha