طيب العراقي
لا توفر الساعات الأولى لأي حدث محوري مثير، كحدث إسقاط الحرس الثوري الإيراني، طائرة تجسس أمريكية من نوع متقدم، قراءة متكاملة لما حدث وما سيحدث، لكن الإيرانيين كانوا بالتأكيد يعرفون ما هم فاعلون، عندما كانوا متأهبين غير هيابين من فعل ذلك.
ربما بل من المؤكد؛ أنه قد سبق للإيرانيين قبل لعملية إسقاط الطائرة الأمريكية، أن وضعوا سيناريوهات متعددة، لشكل المواجهة مع الأمريكان في منطقة الخليج، ووضعوا في حساباتهم أبعد الإحتمالات، ورسموا بذلك خرائط التوقعات، لكن ثمة رسائل سياسية تمخض عنها هذا الحدث، يمكن قرائتها محليا واقليميا ودوليا بشكل أولي:
اولا/ باسقاط طائرة التجسس، بدأت ايران بتغير سلوك امريكا في المنطقة، وتحديدا في الجانب السياسي العسكري.
ثانيا/ اسقاط الطائرة نقل رسائل سياسية؛ باتجاه زمني وجغرافي بدءا من الضفة الاخرى للخليج؛ وصولا الى فلسطين المحتلة.
ثالثا/ الحادثة نقلت رسالة الى الاتحاد الاوربي؛ ان ايران جادة في تخفيض نسبة التخصيب، وزيادة حجم الماء الثقيل .
رابعا/ اسقاط الطائرة نقل رسائل للداخل الامريكي؛ ان ماتقوله ايران تنفذه، وحتما ان هذا الامر، سينعكس على صقور ترامب، وحملته الانتخابية ومستوى شعبيته.
خامسا/ ان ضفتي محور المقاومة اصبحت مؤمنة بالدليل والبرهان؛ وهي رساله لها مردوداتها السياسية في المستقبل القريب.
سادسا/ اسقاط الطائرة جعل الصقور في البيت الابيض واسرائيل؛ والحمائم الخليجية الهجينة اقرب الى القفص، منها الى حرية الحركة لاتخاذ اي اجراء سياسي او عسكري.
سابعا/ على المستوى المحلي العراقي، فإن اسقاط الطائرة يعطي دوافع قوية؛ للتعامل مع امريكا وقواتها، على انها محتلة لبعض الاراضي العراقية، ويدعم الحكومة العراقية للتعامل معها بحزم، وستكون امريكا مضطرة للتعامل مع الحكومة العراقية ورؤيتها، حول التصعيد الامريكي ضد المنطقة.
ثامنا/ ميدانيا وحسب واشنطن بوست و ABC نيوز، وبعد اجتماع مجلس الأمن القومي الأمريكي على خلفية اسقاط ايران طائرة تجسس امس الخميس، قرر اركان الادارة الامريكية وتحديدا جون بولتون ومايك بومبيو توجيه ضربة عسكرية محدودة وقد وافق عليها ترامب، ليعود بعد ذلك ليلغيها خوفا على حياة المدنيين حسب الصحف، وهو ما يكشف مدى الإرتباك لدى الإدارة الأمريكية، التي باتت لا تعرف ما ينبغي عليها عمله..
تاسعا/ ميدانيا أيضا، أصدرت إدارة الطيران الاتحادية الأمريكية، أمرا طارئا يحظر كل الرحلات الأمريكية، في المجال الجوي الذي تسيطر عليه إيران بالخليج وبخليج عمان؛ وقالت إن تطبيقات تتبع مسارات الرحلات الجوية، تظهر أن أقرب طائرة تجارية كانت في نطاق 45 ميلاً بحرياً، من الطائرة المسيرة التي أسقطتها إيران، وقالت إدارة الطيران الأتحادية الأمريكية إنها لا تزال قلقة من تصاعد التوتر والنشاط العسكري بالقرب من مسارات جوية للطائرات المدنية ، وعرضت الإدارة التهديدات التي تواجه الطائرات المدنية في المجال الجوي الإيراني، دون أن تمنع الشركات الأمريكية من تسيير رحلات هناك.
عاشرا/ هذا يعني أن إيران وضعت أمريكا وحلفائها في حيص بيص، وأوقعتهم بشكل عملي في شباكها، ولم تقع في شباكهم كما كانوا يخططون، وأن حركة الطيران المدني والتجاري باتت تخضع الى قيود جدية، لأن شركات الطيران لا يمكنها ألمجازفة، وزج نفسها في آتون منطقة حرب متوقعة، وهنا يمكننا توقع مقدار الخسائر، التي تمنى بها إقتصاديات أمريكا وحلفائها في كل دقيقة جراء ذلك.
حادي عشر/ في ظاهرة ملفتة للنظر فإن الإعلام السعودي، يتخذ الحياد حيال مايجري، ويبتعد عن أسلوب التحريض على جمهورية إيران الإسلامية، وهذا يعني أن الأيام القادمة ستشهد تغير الخطاب الأمريكي، وأن إسقاط الطائرة الأمريكية، يعني إسقاط قناع القوة الأمريكي الزائف، وسيتبع ذلك أن تجد دويلات الخليج والمملكة السعودية نفسها، مضطرة الى قبول التعايش مع إيران كما هي، وأن لا أمل من أن تغير إيران منهجها، الذي تؤكد الوقائع أنه منهج الحق.
ــــــــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha