محمد كاظم خضير
على الرحب والسعة حل بيننا ، صاحب السمو الشيخ صباح الاحمد الصباح امير الكويت ، في زيارة هي الثانية له منذ سقوط الطاغية . وعلى الرغم من أن تبادل الزيارات بين كبار مسؤولي البلدين الشقيقين الكويت والعراق ، ليس أمرا جديدا بحكم العلاقات الوثيقة والصلات الراسخة والتاريخ المشترك ، إلى الحد الذي يجمع معه المراقبون على أن القيادتين والشعبين أسرة واحدة ، يجمع بينهما ماضٍ عريق وحاضر مجيد ومستقبل مشرق ، وأهداف واحدة ، فإن الزيارة التي ستتم اليوم تكتسب أبعادا بالغة الأهمية .
حيث تأتي زيارة صباح الاحمد الصباح للعراق ، في ظروف بالغة الدقة تمر بها المنطقة ، التي تواجه تحديات غير مسبوقة ، سواء على الصعيد السياسي أو الاقتصادي، أو الاجتماعي والثقافي ، ووسط أزمات ومشكلات كبيرة وجسيمة ، وصلت إلى حد تهديد دول بأكملها بالتحلل والانهيار ، واشتعلت في بعضها حروب أهلية أكلت الأخضر واليابس ، وأهلكت الحرث والنسل ، ودمرت العمران ، ونشرت الخراب والبؤس والشقاء .
كما أن العراق والكويت يواجه أيضا تحديات اقتصادية عديدة ، تتطلب تعاونها وتنسيقها المشترك ، من أجل توحيد السياسات إزاء تلك التحديات . وفي اعتقادنا أن الكويت والعراق تقدمان نموذجا رائعا ورائدا في هذا الصدد ، جديرا بأن يحتذى في العلاقات العربية والدولية . يشهد بذلك هذا المستوى المتميز جدا من التعاون والتنسيق المشترك بينهما ، من خلال منظمة البلدان المصدرة للنفط «أوبك» ، فضلا بالطبع عن التنسيق الجاري بينهما في شتى المنظمات الإقليمية والدولية ، تجاه جميع القضايا والملفات السياسية والاقتصادية .
من هنا تبدو أهمية زيارة صباح الاحمد الصباح ، وأهمية ما سيطرح خلالها من قضايا على بساط البحث، بما يعزز من علاقات البلدين ، ويرسخ تعاونهما وإصرارهما على تقديم نموذج متفرد لهذا التعاون ، وهو نموذج لا يركز فقط على مصالح البلدين والشعبين الشقيقين، وإنما يمتد ليشمل مصالح ، جميع الدول العربية ، بل ومختلف دول العالم أيضا ، انطلاقا من إدراك الدولتين أنهما تشكلان حجر الزاوية لاستقرار المنطقة والعالم ، وازدهارهما أيضا ، بما عرف عنهما من حرص كبير على أمن واستقرار وسلام كل شعوب العالم ، وذلك استهداء بقيم ومثل الإسلام العظيم ، الداعية إلى التعاون على البر والخير ، كما في قول الله «وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان» .
صاحب سمو الأمير صباح الاحمد الصباح .. حللت أهلاً ونزلت سهلاً ، تحتضنك منا القلوب ، قبل أن تصافحك الأيدي، وتنشرح بقدومك الصدور ، وتبتهج النفوس ، يقينا منا بأننا أسرة واحدة ، تسعى إلى خير المنطقة ، وخير البشرية كلها .
https://telegram.me/buratha