طيب العراقي
في الوقت الذي تُعاني فيه كثيرمن الدول، تراجعًا حادًا في أعداد الشباب، والذين تقع على عاتقهم مُهمة إستمرارية وجود الدولة أصلًا، فإن غالبية الدول التي تُعاني من مُشكلة تراجع أعداد الشباب، الآن هي دُول مُتقدمة، وهي تواجه الآن مشكلة شيخوخة المجتمع، ولذلك لجأت الى أساليب جديدة لتجديد شباب المجتمع، عير فتح ابواب الهجرة وإستقطاب الشباب المتعلق من دول اخرى.
بالمقابل هُناك مجموعة أخرى من الدول لديها فائض شبابي، لا تعرف ما الذي عليها فعله به، ويقع العراق في مقدمة هذه الدول، فالمجتمع العراقي مجتمع شاب، لكنه مع كل الأسف وبسبب الظروف التي يمر بها الوطن، وبسبب سوء السياسات الحكومية على مر العصور، فإن التعاطي مع الكتلة الشبابية في المجتمع، لم يكن بالحد الأدنى من المستوى المطلوب، وترك موضوع تمكين الشباب الى التفاعل الظرفي، وليس الى وسائل مخطط لها بعناية.
الاستثمار في الشباب؛ هو السبيل الوحيد والمضمون، للوصول إلي المستقبل التي تتطلع إليه الأمة، وهناك ضرورة قصوى لإشراك الشباب، في كافة الأمور التي يمكن أن تشكل مستقبلًا أفضل.
وفي هذا الصدد فأن قصة بناء وطن؛ تعتمد على تسخير الثروة البشرية لبناء مستقبل أفضل، وأن التركيز على العنصر الديموغرافي، يمكن ان يقضي على الفقر، وخلق عالم أفضل وخاصة للشباب.
يتعين وبلا إبطاء؛ تسخير العائد الديموغرافي، للاستثمار في الشباب لتحقيق التنمية المستدامة، لا سيما أن معظم الشعب العراقي من الشباب.
كما إن زيادة النمو الاقتصادي؛ والتخفيف من حدة الفقر وتطوير البنية التحتية، تحتاج جهودا من نمط خاص، لا يمكن أن ينهض بها إلا الشباب.
إن مشكلة الشباب العراقي الكبيرة، تكمن في "التبعية"؛ فأغلب التجمعات الشبابية اليوم، هي "شبيبات" أحزاب سياسية، أو حركات تدعي المدنية، وهذا ليس نقصا في حد ذاته، وإنما النقص حين يفقد الشباب زمام المبادرة، ويظل ينتظر الأوامر من فوق، والمفارقة في الموضوع هي أن كثيرا من هذه الأحزاب والحركات، قائمة بالأساس على "الجماهير الشبابية"، فيما أغلب قياداتها من الكهول..!
بالنسبة لكثير منا، فإن تحقيق مستقبل آمن، مفعم بالرخاء يبدو أمراً بعيد المنال، لما نواجهه من تهديدات على أرض الواقع، حيث لايزال العراق يواجه أزمات متتالية، ومتعددة في نطاقات كثيرة،.
مع كل ما تقدم، فإن الصورة ليست قاتمة تماما، إذ لا تزال الفرصة قائمة أمامنا لصناعة المستقبل، إذا ما تم التوصل إلى توافق سليم، يحدد للمجتمع العراقي المسار الصحيح الذي سيسلكه. وبالرغم من كل هذه العقبات، إلا أن الشباب العراقي لا يزال لديه حتى الآن، وكما هو الحال دائماً الرغبة الجامحة، والإصرار .
من الأهمية بل ومن الضروري، أن يستثمر العراق في تمكين الشباب للقيام بدورهم المستحق، فهم من سيرثون هذا الوضع الراهن، ومن ثم يجب أن يكون لهم صوت مسموع في الحوارات السياسية، التي ستشكل مستقبلهم، كما يجب أن يشعروا بأنهم جزء من صناعة القرارات، باعتبارهم قادة الغد.
الشباب قوة إبداعية تدفعنا نحو الأمام، بدلا من الكهول امثالي الذين يجرون بنا الى الوراء...!
ــــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha