قاسم العجرش qasim_200@yahoo.com
قد لا نكون متجنين حينما نقرر، أن الطابع العام للعملية السياسية التي تقتاتنا في كل لحظة، هو الطابع الطائفي، وحتى الذين يستنكرون الطائفية، تجدهم في يلوذون بطائفتهم كلما أعيتهم السبل، والأمر ليس بيدهم، بل تلك هي طبائع الأشياء!
بغية التوصل؛ الى أسباب الطابع الطائفي للعملية السياسية، يتعين أن نفكك العلاقة بين الدين والمذهب والطائفة..وسنكتشف كلما مضينا في التفكير قدما، أن المذهب مفصولاً عن الدين لا مشروعية له، فالمذاهب هي التظهيرات العملية للدين، والطوائف هي المجموعة البشرية، المتمذهبة بمذهب يستند على أساس ديني.
أما الطائفية؛ فإن تعريفها الأكثر كثافة ووضوحاً هو: إستخدام الدين لأغراض ليست دينية، قد تكون سياسية، أو اجتماعية أو اقتصادية أو نفسية.
بلحاظ أن الدين؛ لا يزوّد بنصوص صريحة، الذين يريدون استغلاله، لتحقيق مآرب ليست دينية، ولذلك فإنّهم يعمدون إلى التأويل، وهو الساحة التي تنمو فيها الطائفية، حيث يصبح تفسير الدين حسب الهوى، هو المزرعة المنتجة لكل الأفكار والمواقف الطائفية، ومن ثَمَ مصادرة الدين، وعياً وقيماً وحضارة ونظام حياة.
ما تقدم من قول؛ لا يختلف عليها أحد، بل هو محور إتفاق، بيد أنه بنفس الوقت، يكشف حجم التعسف، الذي يمارسه من يتهمون الآخرين بالطائفية..!
كيف؟!
بالحقيقة؛ فإن من يتهم الآخرين بالطائفية، هو طائفي سواء علم أم لم يعلم، وغالبا أنه يعلم..!.وإلا كيف تأتى له، أن يتعرف على طائفيتهم المزعومة، إن لم يكن ثمة تناقض، بين ما يراه صالحا له ولجماعته، وما بين ما يمارسه الآخرين؟!
لنأخذ مثلا واحدا لا غير حول هذا التعسف: فكل ساعة يتهم أتباع مذهب أهل البيت عليهم السلام؛ بأنهم طائفيون، ليس لأنهم يفسرون الدين حسب الهوى، بل لأنهم يعتقدون بمعتقدات، ويمارسون طقوسا، في أقل توصيف لا تمس المحرمات!
خذ مثلا: أن الشيعة لديهم عقيدة راسخة، بأن الحسين بن علي بن أبي طالب ( ع)، قيمة عليا نادرة، ومثال إنساني متقدم، وأن جريمة قتله وأسرته وأصحابه، تمثل قمة الإنحراف في زمن مقتله، وعليه فإنهم يدينون ذلك، بأن يحيون ذكره بمختلف الوسائل، التي لا تتقاطع مع عقائد الآخرين، ولا تمسها بسوء، ونفس الشيء ينسحب على إعتقادهم بالمهدي المنتظر، كأمل للخلاص من الظلم.
يشاطر الشيعة في إحترام الحسين كقيمة إنسانية عالية، وفي قضية المهدي المنتظر، أديان وشعوب وقادة وصناع رأي، وزعماء أفكار ليسوا مسلمين، ما يعزز إنسانية المعتقد الشيعي!
لكن الآخر المسلم؛ يتطير من معتقدات الشيعة وممارساتهم، ليس لأنها تضره أو تعتدي على مساحاته، بل لأنه طائفي، يتقمص دور الدين، ويتزيأ بعباءته ويعتم بعمامته، من أجل أن يسود وجوده، بنفي الوجودات الأخرى، معتقدا أنه وحده يمتلك الحقيقة الكاملة!
النتيجة التي سيتوصل اليها، كل من يبحث العلاقة بين الدين والمذهب والطائفية، هي أن الطائفية لا تجتمع مع الدين، في مجتمع واحد ومكان واحد، فإما أن يكون ديناً أو تكون طائفية!
كلام قبل السلام: سنكتشف بلا تعب؛ أن الذين يتهمون غيرهم بالطائفية، يسعون إلى أخراج غيرهم من الدين نهائيا..وذلك هو سبب الإرهاب الذي يضرب العالم الآن!
سلام..
https://telegram.me/buratha