قاسم العجرش qasim_200@yahoo.com
"المال السياسي" ليس مصطلحا مستحدثا، بل هو قديم؛ قدم السياسة والسلطة وأنظمة الحكم!
في قصة المال السياسي، يحتفظ التاريخ لنا، بقصص صرر النقود، التي رماها سلاطين بني أمية وبني العباس، لكلابهم من الشعراء المداحين، فقد كان الشعر وسيلة إعلامهم الأثيرة!
كما يحتفظ لنا التاريخ بمرسوم الخلافة الأول، للخليفة الثاني، الذي ألغى المساواة في العطاء، وجعل الرعية طبقات، كل له منزلته وعطاءه، تبعا لنسبه أو ولاءه.. لذلك يرتبط مصطلح المال السياسي، بأنظمة الحكم ووجودها، وبكيفية الوصول الى الحكم بصورة أوضح.
المال السياسي لاعب رئيس في كل نشاط، وفي حالتنا العراقية الراهنة برز تأثيره؛ بشكل أكبر من المؤثرات الأخرى على المشهد، وصار لازمة العمل السياسي، ولا يمكن لجميع القوى السياسية، إلا الإعتراف بأن علاقاتها الخارجية، أو مع الحكومة، أو بنيتها التنظيمية، لا يمكن أن تسير إلا بالمال السياسي.
يتغلب المال السيسي، على الأيدولوجيات والأفكار والعقائد، بالتأثير على الجماهير، فعلى الأقل نتائجه أسرع من النتائج المتحصلة منها..
لكن هذه النتائج السريعة، سرعان ما تنطفيء، وتتحول الى خيبة مضادة، بلحاظ أن القوى والتكتلات السياسية، تلجأ لهذه الوسيلة، عندما تفقد ديناميكيتها، وقدرتها على التأثير في الحياة العامة.
وسرعان ما تفقد النتائج المتحصلة بواسطته، زخمها بإنخفاظ وتيرته، كونه قابلا للنفاذ وبحاجة لمنابع دائمة، نافضلا عن كونه وسيلة تدمير ذاتية، للقوة السياسية، نتيجة الصراعات التي يسببها المال داخليا..
المال السياسي؛ إنعكاس لضعف العمل التنظيمي، وتنحيه لصالح الأساليب اللاشرعية، وهو يسهل إراتهان القرار السياسي، بيد من بيده مفتاح صنبور المال "الحنفية"، ما يعني التسليم بسيادة ارادة الغير، على مجريات العمل السياسي، وتحول قادة وأعضاء تلك القوة السياسية، لعبيد تعيش على الفتات.
المال السياسي؛ أسهل طريق لنفاذ الفساد، الى جسم القوة السياسية، الأمر الذي يسرع في عملية تفككها ،أو تحولها الى عصبة إنتهازية نفعية، أو الى شركة مساهمة، ولكن بعنوان سياسي جذاب، تزدان به النشريات والكراسات ومواقع الأنترنيت..
المال السياسي؛ مؤشر ممتاز على نوع المسلك الأخلاقي، الذي تسلكه القوة السياسية في عملها التعبوي، فكلما إزداد الإعتماد على المال السياسي، في ديمومة العمل التعبوي، إنخفض مؤشر الأخلاق، وتسبب بتسطيح العقول، وبالتالي فقدت القوة السياسية قوتها الحقيقية، وإن بدت الصورة مخالفة لذلك على الأرض، لأن المال السياسي يعطي نتائج خادعة وقوة وهمية!
المال السياسي؛ يزدهر في أجواء الفقر الفكري، لتحل مفردات الإنتهازية والإنحطاط وشراء الذمم، بدلا من الأفكار والتنظير والإقناع، وتبني البرامج التي تعبر عن هموم الشعب وتطلعاته..
يحدثنا التأريخ أن القوى السياسية الفقيرة، هي التي تصنع الحدث، وهي التي كتبت الناصع من صفحاته، أما القوى السياسية الغنية، فلاتكتب إلا الدسائس والمؤامرات.
كلام قبل السلام: علي بن أبي طالب"ع" كان فقيرا، والذين أرتبطوا به كانوا مثله فقراء، ومعاوية كان غنيا، وأرتبط به الأغنياء، وأبحثوا في سجل الفريقين!
سلام..
https://telegram.me/buratha