ميثم العطواني
بعد أن تكالبت مخالب الشر والعدوان على بلد المقدسات، بهدف القضاء على إرثه الحضاري والإسلامي والثقافي، بمخطط أميركي وأذرع صهيونية ساهمت من خلالها بعض أنظمة الدول العربية بدعم تنظيم داعش الإرهابي، هذا التنظيم الذي عاث الفساد في الأرض، وانتهك العرض، وأخذ يتفنن في قتل الناس، لم يميز بين ديانة أو قومية أو فئة وأخرى، يقتل النساء والأطفال والشيوخ ويتلذذ بإرتكاب المجازر الجماعية، لم يترك باب من أبواب الجريمة إلا وفتحه على مصراعيه، ولم يقتصر المخطط الذي اعد له على العراق فقط، بل أرادوا به القضاء على الإنسانية في المنطقة، بالوقت الذي لم يكن فيه أي رادع يوقف تمدد هذا التنظيم، حتى دق ناقوس الخطر في العاصمة بغداد بعد ان صار القتال على أسوارها، ولم يكن أمام المرجعية الرشيدة إلا إعلان فتوى الجهاد الكفائي، هذه الفتوى التي لم تكن إلا امتدادا لواقعة الطف الخالدة، ليهب الأبطال من كل حدب وصوب بحناجر مدوية "لبيك ياحسين"، هذا الشعار الذي أرعب الأعداء وزلزل الأرض تحت أقدامهم، في تأسيس قوة عقائدية نذرت روحها من أجل الدفاع عن الوطن والمقدسات.
وهنا اقتضت الضرورة الحتمية لإعلان قيادة شجاعة تنظم أمور هذه القوة العقائدية، وما تأسيس هيئة الحشد الشعبي إلا الجانب الرئيس للحفاظ على صيانة الفتوى المباركة وقيادة القاعدة الشعبية التي هبت للدفاع عن الأرض والعرض والمقدسات وفق فتوى أرعبت دول الاستكبار العالمي قبل ان ترعب عناصر تنظيم داعش الإرهابي.
الحشد الشعبي هذه القوة العقائدية الجماهيرية التي تعمل بوازع حب الوطن، والمتمحورة للعمل من أجل الله سبحانه وتعالى، والمتوحدة الأهداف والمصير، لم تدخر جهدا إلا سخرته للقضاء على أعتى تنظيم إرهابي بالعالم، حتى بذلت الدماء تلوى الدماء ولم يكن هذا إلا "الجود بالنفس غاية الجود".
الأجواء السياسية التي رافقت تأسيس الحشد الشعبي جعلت من أميركا وحلفاءها من بعض الحكام العرب العملاء ان يعلنوا العداء لهذا التشكيل المبارك لاسيما بعد الانتصارات والإنجازات العاجلة التي حققها، لم نجني من العرب إلا العداء والتآمر من خلال إعلان المواقف المشينة التي تطالب بحل الحشد الشعبي وارسال آلاف المقاتلين لنصرة داعش الإرهابي ومدهم بالمال والسلاح والسيارات المفخخة التي تحصد أرواح الأبرياء، في الوقت الذي لم يقف مع العراق إلا الجمهورية الإسلامية الإيرانية التي سارعت في ارسال كبار القادة المستشارين والأسلحة والذخائر والمعدات التي أسهمت إسهاما كبيرا في صنع النصر، ولم يقتصر دور إيران على هذا فقط بل قدمت قوافل من الشهداء كانوا يقاتلون جنبا الى جنب مع إخوانهم في الحشد الشعبي.
لم يكن الحشد الشعبي تطورا مفاجئا بعيدا عن الواقع، بقدر ما هو تعبير عن حاجة ملحة وضرورة إستراتيجية للأمن الوطني العراقي من جهة، ولحماية النهج المحمدي من جهة ثانية، وما أشبه الأمس باليوم مع ظهور الحشد الشعبي وتميزه القتالي وفكره العقائدي الراسخ، ما هو إلا إستمرار لنهج الثورة الحسينية التي لولاها لما بقي الإسلام.
الحشد الشعبي الذي أذهل العالم بالإنتصارات الكبيرة التي حققها، لم يقف مكتوف الأيدي عندما داهم خطر الفيضانات مدن العراق من شماله الى الجنوب ليعلن حالة الطوارئ التي أبعد فيها مرة أخرى الخطر عن العراق والعراقيين.
لاشك إن تجربة الحشد تجربة رائدة أسهمت في استنهاض همم أبناء البلد والدفاع عن الوطن ضد أي إعتداء مهما كان نوعه أو شكله، وتعزيزا كبيرا لإبناء القوات المسلحة لاسيما بعد الإنكسارات التي عانوا منها بسبب المؤامرات ومواقف بعض القادة والآمرين الغير مشرفة.
هنيئا لحشدنا المشاعر النبيلة التي تهز كيان الإنسانية وتشعره بالإنتماء الحقيقي وتشد أواصر الإتصال بأرضه وشعبه، هنيئا لحشدنا المعطاء الذي يبني ويقاتل بمهمة عالية وإرادة واقتدار، هنيئا لحشدنا في ذكرى تأسيسه، هنيئا حشدنا وكل عام وأنتم في تألق وازدهار.
https://telegram.me/buratha