علي الطويل
في صيف مأساوي لاهب بكل ماتعنيه الكلمة من معنى، وحيث وصلت القلوب الحناجر ولا مخرج ولا منجى فقد ضاق الافق تماما ، حيث بدأ الزحف الداعشي من الموصل حتى دخل اطراف بغداد دون مقاومة تذكر ، وحيث انهزم القادة قبل المقودين ، وحيث لا سند ولا ظهير فقد تخلى الشريك المفترض الذي وقع العراق معه معاهدة الدفاع ، ونعني الولايات المتحدة التي لم تلزمها تلك المعادة في الوقوف بوجه هذا السيل الكاسح من شذاذ الافاق الذين لم يكن هم لهم سوى تدمير العراق ، وكيف يصدون زحف الدواعش وهو مشروعهم ، عند هذه اللحظات الشديدة الحرج اتجهت انظار العراقيين نحو النجف الاشرف لعل الصامت الحكيم ينطق بشيء ، عندها انطلقت الفتوى في يوم تاريخي لم يمر على العراقيين مثله منذ عشرات السنين لما تخلل ذلك اليوم من حماسة وعزة ونخوة وافتخار ذكرتنا بما نقرأه عن معارك صدر الاسلام ، عندما كان المسلمون يطلقون نسائهم طاعة للنبي الاكرم (ص) ليتجهون للجهاد ،ونسخت هذه الفتوى ايضا صورة اخرى من صور التضحية التي كان عليها اصحاب الامام الحسين عليه السلام من الاخلاص والايثار والطاعة والتضحية في معركتهم ضد الكافرين والمنافقين واعداء الدين .
فقد هب العراقيون لتلبية الفتوى لمقارعة اعداء الوطن ، وتوالت المواقف الرجولية لابناء العراق لنقل هذه الفتوى من مجالها النظري الى الواقع العملي في الوقوف كدرع امام هجمة المغول الجدد وكانت حماسة منقطعة النظير ، ليس المجال هنا لسرد مادار فيها بقدر التذكير بصورتها العامة والا فالامر يتطلب مجلدات لتسع مادار فيها من احداث ووقائع مشرفة .لقد كان لابناء المقاومة الدور الابرز في هذه الفتوى فكانو بحق ابطال متميزين ، فسوح الجهاد ساحاتهم والقتال ( كارهم ) الاساس ومهنتهم التي امتهنوها وخبروها قبل دخول داعش ، فكانوا هم الاطار الذي اطر المتطوعون ونظمهم ورتب صفوفهم وخطط عملهم ليكونوا بنيان مرصوص امام الاعداء فكانت تلك انطالقت الحشد الشعبي وتشكيل الويته ووحداته ، وبدات حينها صفحات البطولة وسطورها تتسطر وعناوينها تبرز فسجل التاريخ ملحمة دارت لثلاث سنوات سجل فيها ابناء الفتوى مالم يتوقعه او يتصوره احد ،
لقدسجلت ايام الجهاد هذه موقفا مشرفا للجمهورية الاسلامية في نصرتها للعراق في وقت تخلى عنه ابناء جلدته بل ساهموا في تدميره ، ففي الوقت الذي كان العراق يفتقد الناصر فان الجمهورية الاسلامية قد سخرت كل امكانياتها للدفاع العراق والعراقيين والدفاع عن المقدسات ، ففتحت مخازنها من السلاح والعتاد وارسلت الخبراء من اجل اعداد الخطط في المعارك كما وبذلت المال سخيا في هذه المواجهة التي ستذكرها الاجيال وستذكر الشهداء الايرانيين الذين اختلطت دمائهم بدماء العراقيين من اجل الدفاع عن هذا البلد ، فكان هذا الموقف عنصرا مهما في دحر الدواعش ونقشة اساسية في سجادة النصر الذي تحقق للعراق في تحرير ارضه وتطهيرها من رجس البغاة ، فالعراقيون مدينون للجمهورية الاسلامية لذلك الموقف الذي عبر الاخوة وقوة الاصرة التي تربطنا معها في الدين والعقيدة والموقف الواحد تجاه الاعداء ومقارعة الباطل وسوف لن ينسى العراقيون هذا الموقف الكبير لقيادة وشعب هذه الجارة المسلمة الاخوي
https://telegram.me/buratha