قاسم العجرش qasim_200@yahoo.com
مر شهر رمضان مغادرا ببركته، التي كان يفترض أن نستقبلها بإستعداد يليق بها، لكننا وخلافا لمنطق الأشياء، إستقبلناه بأسوأ ما عندنا!
في هذا العام وكما في كل عام مضى؛ أستقبلنا شهر رمضان بطبل وزمارة وعري، وبتفاهات تقدمها الفضائيات العربية؛ التي أسست لعرف غريب عن ثقافتنا.
هو شهري وأنا أجزي عليه، هكذا قال رب العزة والجلال عن هذا الشهر الفضيل، شهري، أقرأوها مرة أخرى، شهري، شهر الخالق الباريء المصور، الحكيم العليم الجبار المتكبر المتجبر، القوي العزيز المعين؛ الى آخر التسعة وتسعين أسما التي لا يشاركه في قيمتها أحد.
لكننا وأثناء ما كنا نمد أيدينا الى طعام الأفطار قائلين، أللهم إني لك صمت وعلى رزقك أفطرت ولصوم غد نويت، كنا نحن نسطح عقولنا، مستسلمين للمتعة الرخيصة والتسلية الفجة، وبما يعاند التوصيف الألهي : شهري!! شهر الله حولناه إلى شهر الرذيلة، والفضل كل الفضل في ذلك للمال السعودي، وقنوات سمو الأمير الوليد طلال بن عبد العزيز، "إبن شقيق" خادم الحرمين!!
أما ترون أن هذه المفارقة؛ لا تخلو من قصدية مسبقة وتخطيط محكم، يبغي تفكيك عرى ثقافتنا الأسلامية ويسلبها جوهرها؟! وإلا بربكم كيف يستقيم الظل والوتد أعوج؟..كيف يمكننا تفهم أن ترعى دولة، يحكمها نظام صارم، إسلامي كما يدعي؛ هز البطون في شهر هو خير الشهور عند الله تعالى...؟
ليس عجبا فهم يتغنون بأمجاد الأولين، أمجاد هارون مثلا، هذا السلطان الذي كان يدور في اليوم والليلة، على ألف من الجواري ومثله من الغلمان، مختبرا فحولته مع أنه مأبون!
في موضوع يبدو للوهلة الأولى؛ أنه ليس متعلقا بما تقدم، نستذكر أنه ومنذ أكثر من خمسة وعشرين سنة تقريبا، وقبل وبعد وأثناء إنهيار المنظومة الشيوعية وتفكك الإتحاد السوفيت ، طرح مفهوم العولمة للتداول الإعلامي والفكري، وقبل طرح هذا المفهوم، وقبل الإنهيار والتفكك، كانت الأنظمة الحاكمة في مختلف أنحاء العالم، من القوة بحيث أنها كانت قادرة على إغلاق أبوابها، ومقاطعة ثقافة الآخر، لتنجح في مقاومة أي تأثير خارجي، وخصوصا التأثير الأمريكي.
آنذاك كانت تتحدث عن مقاومة الغزو الثقافي، لكنها وهي تمارس هذا الفعل في السياسة، كانت تمارس قمعا وتقييدا للحريات، ومنه حق الإتصال.
في المثال العراقي منع السفر عشرات السنين، ولم نكن نمتلك إلا وسائل إعلام حكومية موجهة، الآن العالم في وضع اجتاحت فيه العولمة الاقتصادية والسياسية والثقافية، وبدونا وكأننا تحررنا من شباك حكامنا، لكننا وقعنا طرائد سهلة، لفضائيات هز البطون والشبكة العنكبوتية "الأنترنيت"، وأصبحت هذه الوسائل الإعلامية محور حياتنا، من أبسط صغائرنا إلى أكبر قضايانا.
لقد تم إختراقنا طولاً وعرضاً، ولم تعد أية مقاومة قادرة، على التصدي للغزو الثقافي المؤمرَك، فالعولمة أصلاً مفردة إيهامية تعني الأمركة، و"السعودة" أحد مفاصلها؛ التي تكفلت بهدم الثقافة الإسلامية.
كلام قبل السلام: اذا لم نستطع أنننظر أمامنا لحلكة ضلام مستقبلنا، وأذا لم نستطع أن ننظر الى الخلف؛ لأن ماضينا مؤلم ونريد أن ننساه، فدعونا ننظر الى أنفسنا، أو على الأقل نتعرف أين نقف الآن؟!
سلام..
https://telegram.me/buratha