طيب العراقي
بالعودة الى بدايات القصة؛ أي الى اللحظة التي بلغت فيها القلوب الحناجر، حين تزاحم الساسة والمسؤولين الحكوميين، على بوابات المغادرة في مطاراتنا؛ هم وأسرهم كي يضمنوا السلامة، من ويل داعش الذي كان يطرق أسوار بغداد، في يوم 10 /6/2014.
بعد ذلك اليوم المرعب بيومين؛ تغيرت المعادلة بمقدار 180 درجة تماما، بعدما أنتفض رجال الوطن؛ ملبين فتوى صدرت من بيت قديم صغير؛ في زقاق عتيق من أزقة النجف الأشرف..لم تقل الفتوى أكثر من: "انفروا خفافا وثقالا"..
حينما "نفر" ابناء الوطن ملبين؛ أنتهت مع نفيرهم حالة الأنكسار؛ التي طبعت وجوه أبناء الجيش والشرطة، الذين هزمهم الدواعش الأشرار، في الموصل وتكريت وكركوك وديالى والأنبار، وتناكبت الأكتاف كتفا الى كتف، لتشكل طودا منيعا؛ بوجه التحالف البعثي الوهابي، المدعوم أمريكيا وصهيونيا وسعوديا وخليجيا، ثم لتشرع بأذاقته طعم الهزائم، هزيمة أثر هزيمة، وصولا الى اللحظة التي أعلن فيها؛ "فلان"، الذي كان آنذاك "صدفة"؛ رئيسا للحكومة، والقائد العام للقوات المسلحة في البلاد، نصرا لم يكن هو صانعه، بل صنعته قوافل النعوش المتجهة، نحو مدن الوسط والجنوب بلا إنقطاع.
أبناء الشعب الذين هزموا أعتى إرهاب عرفه التأريخ؛ نظموا أنفسهم في تشكيلات وألوية قتالية، تحمل أسماءا ترتبط بوجدان الشعب، ورحبت الدولة بهذه التشكيلات، وكيف لا ترحب بها؛ وهي التي حمتها وأعادت لها عافيتها، بعد أن كانت تحتظر في 10/6/2014.
أتخذ ترحيب الدولة شكلا مؤسسيا، فقد أنتظمت تلك التشكيلات في هيئة حكومية، هي هيئة الحشد الشعبي، التي تم تغذيتها بكوادر جهادية مجربة، ومعهم كوادر حكومية وأمنية، وأُخضعت هذه الهيئة في التوجيه والقيادة والأدارة والسيطرة، والتمويل والتسليح والحركات والعمليات..والموت أيضا؛ الى سلطة "فلان" القائد العام للقوات المسلحة بعينه!
لاحقا؛ بات لهذه الهيئة الحكومية ـ الشعبية قانون، وتحولت هي ومقاتليها، فأصبحت ضمن منظومة القوات المسلحة، وكنت تجد أبناء الحشد الشعبي وقادتهم، يعملون سوية مع قادة وأبناء الجيش والشرطة، ومكافحة الأرهاب والطيران وطيران الجيش، وكنت لا تستطيع تمييز بعضهم عن بعض، لأن غبار المعارك قد غطاهم جميعا!
في عهد "فلان"؛ كانت الشهور تمر تباعا؛ منذ أن أُقر قانون الحشد الشعبي، لكن حقوق مقاتليه يجري تناسيها عن سابق إصرار وتصميم، مع أن هذه الحقوق مقرة بقانون؛ مر بكافة مراحل الإقرار والمصادقة، ولم يعد هناك حائل يستطيع إيقاف تنفيذه، وأيضا بقانون موازنة عام 2018، والذي تُسير بموجبه الدولة العراقية أمورها المالية.
الحائل الوحيد كان "فلان" نفسه؛ من يقف حجر عثرة بوجه هذه الحقوق، وهي إرادة بالحيلولة عششت في عقله الموبوء ؛بالإستجابة لتنفيذ الأجندات الخارجية، التي لا تريد أن ترى الحشد الشعبي موجودا، في خارطة أمن العراق والمنطقة، لأنها تعلم أن الحشد الشعبي أرادة شعب مقاوم، وهي كما هي دوما ضد إرادة الشعوب المقاومة.
الحقيقة أن "فلان"؛ كان بارعا في السير على هذا الطريق، فضلا عن كونه بارا بنفس الوقت، لعقيدة الخلاص من الحشد الشعبي التي أعتنقها، بملكية أكثر من الملك..ولقد أكل"فلان" الحشد الشعبي لحما، وأراد رميه عظما..!
في ذكرى تأسيس الحشد الشعبي نقول أن طعم لحم الحشد مر، وليسألوا الدواعش عن هذه المرارة..! وفي ذكرى التأسيس؛ نجد أن"فلان" ومعه زبانية السفارات؛ رحلوا وسترحل بقيتهم المباقية، وأن الحشد باق وسيبقى ما بقي العراق، وسيبقى العراق ما بقي الحشد.
https://telegram.me/buratha