ميثم العطواني
عندما نحاول الكتابة عن شخصية عظيمة نقف متحيرون، من أي مداخل الثناء سندخل، وبأي أبيات القصيد نذكر، وماذا نقول أمام سيرته الخالدة، انه العالم الرباني الذي لم يقتصر دوره على الجانب الديني والسياسي والإجتماعي فحسب، بل كان له الدور الريادي في بناء المجتمع، وروح ثورية يذود بها من أجل مصلحة الإسلام والمسلمين.
انه الإمام روح الله الخميني الذي كان قد أعلن طوال سنوات حياته عن أهدافه ومبادئه وكل ما كان ينبغي أن يبلغه، وخلف نهج مليء بالعطاء، وخطوط حمراء أرعبت دول الاستكبار العالمي طيلة العقود الماضية وحتى يومنا هذا، حيث أصدر عام (١٩٦٣م) بياناً ثورياً كتب فيه: "لتعلم الدنيا أن كل مشكلة تعاني منها الشعوب المسلمة إنما هي بسبب الأجانب وعلى رأسهم أمريكا.. الشعوب المسلمة تكره الأجانب عموماً وأمريكا على الخصوص.. أمريكا هي التي تدعم إسرائيل وأنصار إسرائيل.. أمريكا هي التي تقوي إسرائيل كي تشرد العرب المسلمين"، ولم يكن هذا البيان أو الموقف إلا وحدا من مئات المواقف الثورية التي يدافع بها عن الإسلام والمسلمين طيلة حياته الشريفة التي أعد بها نفسه للقاء حبيبٍ أنفق كل عمره في سبيل تحصيل مرضاته، كان كالجبل الشامخ لم تنحن قامته إلا لله سبحانه وتعالى، ولم تبك عيناه إلا من أجله.
لم يكن تحقق الإرادة الربانية انتصار الثورة الإسلامية في إيران مجرد حدث داخلي قاد الى تغيير النظام السياسي، أنما كانت بمثابة زلزالا للدول الغرب عموما وأميركا على وجه الخصوص.
كانت خطوات الإمام الراحل رضوان الله تعالى عليه لم تزيد من دول الاستكبار إلا رعبا، حيث أعلن من خلال التعبئة العامة للشعب الإيراني لإعمار البلاد، وهذا تجسيد مثال الفكر المتطور، واستنادا على هذا الفكر تم الشروع بإعادة الإعمار ببركة وتسديد إلاهي وطاقات ثورية لتشهد إيران خلال فترة وجيزة تطورا في شتى المجالات، ولم يمض سوى أسابيع لم تتعدى عدد الأصابع اليدين حتى قال الشعب الإيراني كلمته في انتخابات ديمقراطية تأييده لإقامة نظام إسلامي في إيران، مما زاد من مخاوف الولايات المتحدة الأميركية وعزز من قلقها اتجاه هذا النظام، لاسيما انها تكن العداء للإسلام والمسلمين وهذا بحسب الوثائق التي تم العثور عليها بالسفارة الأميركية في إيران بعد اقتحامها من قبل عدد من طلبة الحوزة العلمية والجماهير الغاضبة على سياسة واشنطن آنذاك.
اما علمه، قد رفد العالم الإسلامي بإمهات المؤلفات في شتى مجالات العلوم الدينية والسياسة والفلسفة والإقتصاد والإجتماع وفي مجالات اخرى، بالإضافة الى خطابه السياسي الذي كان ينصت له العالم أجمع، ومحاضراته في العقائد والجهاد التي تشحذ الهمم وتزيد من الإصرار على التمسك بالقضية.
ما كان قصده من وراء كل هذا إلا لحظة لقاء الله سبحانه وتعالى، وها قد اقتربت تلك اللحظة العصيبة بالنسبة للملايين من محبيه، بقلب مطمئن، وروح مؤمنة، ختم عمره الشريف، قائلا: "استأذن الأخوات والإخوة وأرحل الى موطني الأبدي وأنا بأمس الحاجة الى أدعيتكم لي بالخير".
https://telegram.me/buratha