في حزيران 2014؛ كانت الصورة مرعبة بشكل حاد، فقد حقق أعداء العمليه السياسيه؛ الجزء الأعظم من مخططهم، الذي عملوا عليه لعدة سنوات؛ بلا هوادة وبمختلف الوسائل، وخلال أيام قليلة كان أكثر من ثلث العراق تحت إحتلال ميليشياتهم الداعشية، التي خرجت من رحم ذلك المخطط الرهيب، والذي جرى تنفيذه، بعد تلاقح الإرادات الإقليمية والدولية، مع أحلام الساسة إياهم، بإعتلاء صهوة العراق مجددا، والتفرد بالسلطة؛ التي لم تصدق عقولهم الإستعلائية أنهم فارقوها..
لقد أقتربوا كثيرا من تحقيق حلمهم، بل كادوا يحققونه خلال أيام بعد10/6/2014، وكانت المعارك على أسوار بغداد، ولم تبق تحت يد الدولة قوات حقيقية، تحمي بها نفسها، فضلا عن حماية الشعب والعملية السياسية..لقد كان كل شيء في مهب الريح..
فتوى الجهاد الكفائي، وتناخي المجاهدين من أبناء المقاومة الإسلامية تلبية لها، والوقفة المسؤولة لأبناء شعبنا، والإسناد المشرف لجمهورية إيران الإسلامية، عوامل قلبت السحر على الساحر؛ وكان الحشد الشعبي؛ الوليد الشرعي الجبار لهذه العوامل مجتمعة.
توقف زحف الأشرار على بغداد أولا، ثم أنطلقت جحافل المتطوعين نحو جبهات القتال، وسرعان ما تغيرت المعادلة, وأمسك الحشد الشعبي بزمام المبادرة، وشيئا فشيئا تهاوت قلاع الشر الداعشي، ودخل الحشد مناطق لم تخضع لسلطة الدولة منذ 2003، تم تحرير محيط بغداد، ومحافظة ديالى وصولا الى تخوم كركوك، والرمادي والصقلاوية، وجرف النصر وعامرية الفلوجة، والكرمة وبلد والدجيل ويثرب، والأسحاقي وسامراء والدور، تكريت وبيجي والصينية، القيارة والشورة والشرقاط، تلول الباج والحضر والقيروان والبعاج أيضا تحررت..
الخلاصة جرى تحرير الموصل وكل أرض العراق، ووصل الحشد الشعبي الى الحدود السورية، وتم وأد المؤامرة، واقر العالم ببسالة العراقيين وحشدهم الشعبي..
وحده السيد العبادي، عندما كان رئيسا للوزراء؛ وقائدا عاما للقوات المسلحة، وهو الذي لم يطلق في حياته رصاصة واحدة، في مقارعة الظلم الصدامي، لم يتعامل مع الحشد الشعبي بما يستحق، مع أن الحشد الشعبي قدم قوافل بدأت ولم تنتهي من التضحيات، شهداء وجرحى ومعاقين، وأُسر موجوعة وأيتام وأرامل..وترتب على ذلك إستحقاقات معنوية وأخلاقية ومالية، لكن العبادي تعامل معها بلغة الطرشان.
برغم أن للحشد الشعبي قانون؛ تم إقراره من قبل البرلمان، وصادقت عليه رئاسة الجمهورية، ونشر وقتها في الجريدة الرسمية، إلا أن العبادي كان حلو اللسان قليل الإحسان، إذ لم ينفذه بالمرة..! وهذا يكشف أن عدم تنفيذ قانون الحشد الشعبي، وخصوصا الشق المتعلق بإستحقاقات مقاتلي الحشد المالية، أمر يثير كثير من التساؤلات، كما يثير شبهات أكثر حول أسباب عدم تنفيذه؛ خصوصا أن العبادي وقف كعظم الزردوم؛ في وجه أي محاولة لتطوير وتدريب وتسليح الحشد الشعبي، بل منعه في أحيان كثيرة، من تنفيذ واجبات مهمة في المعركة ضد الإرهاب الداعشي.
تعكز العبادي وقتها على عدم توفر سيولة مالية لدى حكومته، لكن هذا الأمر متهافت من أساسه، لأن عدم توفر السيولة المالية، لم يكن سببا لإيقاف رواتب كبار مسؤولي، وكبار الموظفين، والنواب وأعضاء مجالس المحافظات، بل عموم الموظفين في الدولة، ولم يكن سببا لإيقاف نشاطات، طابعها الترف والإنفاق اللامبرر.
عدم إيفاء حكومة العبادي؛ بإلتزاماتها المالية تجاه مقاتلي الحشد الشعبي، وتعاملها مع رواتبهم على أنها "صدقة"، أمر يدعو للإعتقاد أن هناك مؤامرة على الحشد، وأن ثمة أياد خفية في "دولة العبادي" ، تحارب المقاتل برزقه وإستحقاقه المالي؛ وفي أقل التوصيفات حدة، فإننا كنا إزاء "دولة" جاحدة لفضل الحشد الشعبي وتضحياته.
اليوم وبعدما أفلس السيد العبادي سياسيا، وصار صفرا على الشمال، مافتيء يهاجم الحشد الشعبي وينتقص من تضحياته، ويسفه وجوده، ويلقي على الحشد ورجاله تبعات الفساد الذي تميزت به فترة حكمه..
إن مثل هذا التصرف الذي يتسم بجحود كبير، يكشف عن حجم إنغماس الرجل في مخطط تآمري مريب، عنوانه "أقتلوا الحشد الشعبي فقد كفر؛
https://telegram.me/buratha