قاسم العجرش qasim_200@yahoo.com
نقف قليلا عند الملك فيصل الأول، وهو رجل ليس عراقي تولى عرش العراق، من عام 1921 لغاية وفاته عام 1933، ففي مذكرة سرية له وجهها الى المس بيل؛ المرأة البرطانية التي لعبت دورا محوريا، في صناعته ملكا على العراق، وكانت تعمل آنذاك كضابطة مخابرات تحت، عنوان سكرتيرة المعتمد السامي البريطاني.
يقول: " أقول وقلبي ملأن أسى، أنه في إعتقادي لا يوجد في العراق شعب عراقي بعد، بل كتل بشرية خالية من أية فكرة وطنية، متشبعة بتقاليد وأباطيل دينية، لا تجمع بينهم جامعة، سمّاعون للسوء، ميّالون للفوضى، مستعدون دائما للإنقضاض على أية حكومة كانت، نحن نريد والحالة هذه؛ أن نشكل من هذه الكتل شعب نهذبه وندربه ونعلمه، ومن يعلم صعوبة تشكيل وتكوين شعب؛ في مثل هذه الظروف، يجب أن يعلم أيضا عظم الجهود، التي يجب صرفها لأتمام هذا التكوين وهذا التشكيل ".
هذه الإستعادة لما قاله فيصل ضرورية، لتلمس طريقا للعلاقة بين الديمقراطية كمنهج لبناء الدولة، وممارسة الحكم من جهة، ورسم ملامح العلاقة بين مكونات الشعب، وبين الأديان والمذاهب والمكونات القومية في العراق من جهة أخرى.
كمفاتيح لبوابة هذا الطريق؛ نستعرض عدة أسئلة غرضية من قبيل: هل ثمة تعارض بين التكوين المعقد للعراق من جهة، والممارسة الديمقراطية الجارية فيه من جهة أخرى؟ أو بصورة أدق، هل يشكل هذا التكوين، عائقا أمام تطبيق الديمقراطية فيه؟ أو بصورة سؤال آخر، هل في آليات الديمقراطية تناقض مع الأديان والمذاهب؟ وهل أن التناقض أصيل أم مصطنع؟ وإذا كان أصيلا فما هي حلول المشكلات الناجمة عن هذا التناقض؟ وإذا كان تناقضا مفتعلا؛ فهل أنه مفتعل بقصدية السوء، أم أن أفتعاله طبيعي وناجم عن التطبيقات؟ وإذا لم يكن لا هذا ولا ذاك فما هو توصيفه؟ ومن يقف وراء الترويج للتناقض وإفتعاله؟ وهل ثمة مستفيد من التناقض؟
نخلص الى السؤال الكبير؛ هل أن تعدد الأديان والمذاهب، والمكونات القومية في العراق، يقف عائقا أمام بناء دولة ديمقراطية، هل أن العلاقة بين الديمقراطية؛ والأديان والمذاهب والمكونات في كل مكان، هي مثلما هي ما عليه في العراق؟ وننتقل الى السؤال الأكبر، وهو هل أن التعددية في العراق، تشكل عقبة أمام تشكل دولة أساسا؟
كما ترون فإن باب التساؤل الأول قد إنفتح على سلسلة ربما ليس لها نهاية منطقية من الأسئلة، ومعظمها ليس من النوع العبثي، إذ أنها أسئلة ناتجة عن إعمال العقل في الموضوع.
قبل محاولة التوصل الى إجابات منطقية؛ على حزمة الأسئلة هذه، لابد من توصيف الوضع الديني والمذهبي في العراق، لا من زاوية تعداد مكوناته وعناصره الدينية والمذهبية، لأن هذه مهمة تناولها كثير من الباحثين والكتاب؛ وأشبعوها بحثا وتحليلا، فبعضهم تناولها بشكل علمي رصين مجرد من الأهواء، وبعضهم الآخر لم يوفق الى التوصل الى عرض محايد للموضوع، بل كان بحثه مليئا بالضغائن.
آخر يوزع الإتهامات بكل الإتجاهات؛ التي يحمل فيها الأحزاب الأسلامية، العاملة في الأوساط الشيعية (حصرا)، كل الأسباب التي تؤدي الى النكوص في آليات تنفيذ الديمقراطية.
كلام قبل السلام: ثمة حاجة الى قراءة الواقع قراءة مختلفة، نفهم من خلالها لماذا يريد الكورد الإنفصال عن العراق، لكن المشكلة تكمن في أنه لا يوجد بين صفوف الساسة، من يتوفر على كثل هذه القراءة؛ لأن معظمهم أميين!
سلام...
https://telegram.me/buratha