المقالات

ماذا نقول قبل قرع الطبول

1350 2019-06-01

شذا الموسوي

 

بيان القمة العربية الطارئة المنعقدة في مكة يكاد يكون بيان التهيئة لاعلان الحرب على ايران، وهو ما سعت اليه المملكة السعودية ودول الخليج منذ وقت طويل، ومن خلفهم المستفيد الاكبر من اي صراع دموي يحدث في المنطقة وهو الكيان الصهيوني اللقيط، الذي يستند في امنه على اشعال الحروب واشغال الدول العربية والاسلامية بالصراعات الطائفية والعرقية والدينية، لصرفهم عن القضية الفلسطينية التي كانت في وقت ما قضية العرب والمسلمين المركزية.

فاذا وقعت الحرب في الاسابيع القليلة المقبلة –كما اتوقع- فستدخل المنطقة واحدة من اكثر فتراتها سوءا وسوادا، وستطال نيرانها الدول التي اشعلتها والتي كانت تنعم طوال عقود بالامن والاستقرار..فالحرب على ايران ليست هي الحرب على العراق.. واذرع ايران في المنطقة كفيلة بالحاق الضرر بمصالح دول وكيانات تظن نفسها بعيدة عنه..وستبدو حينذاك حوادث السفن على السواحل الاماراتية والصواريخ البالستية على نجران مجرد دعابة... ولا استبعد حدوث زلازل سياسية ان لم تطح بانظمة طال تذمر شعوبها منها، فعلى الاقل قد تدخلها في قلاقل وانقلابات دموية واحداث عنيفة لم تشهدها من قبل.

اما ايران التي تعاني الان ازمة اقتصادية تعصر ابناءها وتذيق شعبها مرارة الجوع والغلاء والعوز..فستضاف الى اعبائها عبء الجهد العسكري والقتالي.. وستزف الى ساحات المواجهة خيرة شبابها ورجالاتها ، كما ستضع على المحك عقيدتها السياسية التي بنت عليها حكمها طوال هذه العقود الاربعة ، وان كنت اجزم ان هذه الحرب وان طال امدها، لن يمكنها ان تنال من النظام السياسي فيها، كما يحلم الحالمون، لكن اقصى ما يمكن ان تفضي اليه الحرب، هو ان تلملم ايران نفسها، وتوقف نشاطاتها الخارجية و تمويل الفصائل العقائدية المرتبطة بها، او تشكيل فصائل جديدة حسب ما تحتاجه مناطق الصراع الدولي والاقليمي، وهذا ما يمكن ان تقدمه ايران على طاولة المفاوضات دون الدخول في الحرب.

واذا تمعنا في الوضع الامريكي، فان الشعب والساسة هناك ما زالوا يتجرعون مرارة الحرب على العراق، وقد سمعت بأذني ورأيت بعيني كيف يلعن الاميركيون كل يوم بوش الابن الذي ادخلهم في تلك المعمعة التي لم يتعافوا من ويلاتها حتى اللحظة، بل واتذكر جيدا عندما ذهبت هناك للدراسة كيف يبادر المواطن الامريكي العادي الى الاعتذار مني بكل خجل مما فعله قادته وسياسيوه بالعراق حالما يعرفون انني عراقية. بل واكثر من ذلك عندما التقيت ببعض اعضاء الكونغرس الامريكي الذين اعربوا عن ندمهم على خوض تلك الحرب، وسخريتهم من رجالاتها الذين لعنهم التاريخ والشعب الامريكي فانزووا في زوايا النسيان. ومع يقيني ان ادارة ترمب - التي تعاني من اعتراضات متزايدة على نهجها حتى داخل الحزب الجمهوري نفسه- قد قبضت الان ثمن الحرب، ولن ترضى باقل من ضربات جوية على مواقع ستراتيجية مهمة في العمق الايراني وفي العراق وسوريا وغيرها من ساحات قد تستجد في حينها، الا ان علينا ان لا نغفل عن دور محتمل لروسيا والصين قد يكلف اميركا ما لا تجرؤ على التفكير به حاليا.

ما يهمنا فعلا اكثر من غيره هو وضعنا نحن كعراقيين، وهو لا يبشر بخير كما يدرك الجميع، فالفرز السياسي الذي بدأ منذ مدة سيزداد وضوحا، وليس اخر تداعياته تنازل العبادي عن جميع مناصبه القيادية في حزب الدعوة. ورغم ان معظم الفصائل المسلحة قد اعربت عن رفضها للحرب والانخراط بها، لكن حالما تندلع فعلا، فلن تجد بدا من الاصطفاف بسرعة مع عمقها الولائي العقائدي، لتصبح جزءا من الصراع، بل احدى ادواته، ولن تفلح كل محاولات الحكومة العراقية او المرجعيات الدينية في كبح جماحها، ولتجعل من العراق ساحة من ساحات الحرب التي لم يعد الشعب العراقي يتحمل المزيد منها. ومع اول رصاصة تنطلق، ستنهار الكثير من التحالفات السياسية التي قامت على اساس المصالح الضيقة والمساومات الرخيصة، وسيعود الخنجر الى ساحات الاعتصام ويصيح قادمون يا بغداد، ويرقص مشعان الجبوري على اشلاء ضحايا سبايكر.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاكثر مشاهدة في (المقالات)
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
almajahi : نحن السجناء السياسين في العراق نحتاج الى تدخلكم لاعادة حقوقنا المنصوص عليها في الدستور العراقي..والذي تم التصويت ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
جبارعبدالزهرة العبودي : لقد قتل النواصب في هذه المنطقة الكثير من الشيعة حيث كانوا ينصبون كمائنا على الطريق العام وياخذون ...
الموضوع :
حركة السفياني من بلاد الروم إلى العراق
ابو كرار : السلام عليكم احسنتم التوضيح وبارك الله في جهودكم ياليت تعطي معنى لكلمة سكوبس هل يوجد لها معنى ...
الموضوع :
وضحكوا علينا وقالوا النشر لايكون الا في سكوبس Scopus
ابو حسنين : شيخنا العزيز الله يحفظك ويخليك بهذا زمنا الاغبر اكو خطيب مؤهل ان يحمل فكر اسلامي محمدي وحسيني ...
الموضوع :
الشيخ جلال الدين الصغير يتحدث عن المنبر الحسيني ومسؤولية التصدي للغزو الفكري والحرب الناعمة على هويتنا الإسلامية
حسين عبد الكريم جعفر المقهوي : عني وعن والدي ووالدتي وأولادها واختي وأخي ...
الموضوع :
رسالة الى سيدتي زينب الكبرى
حيدر : انا لله وانا اليه راجعون يعني منين نبدي هو انتو سامعين بشي اسمه نقابة معلمين او فد ...
الموضوع :
السوداني يستقبل وفد نقابة المعلمين ويشيد بدور الملاكات التربوية وجهودها في العملية التعليمية
Hussain Hamza : سبحان الله انقل السحر على الساحر!! لماذا تدعمون إسرائيل ضد العرب؟ وضد غزة؟ هل لكم الحق في ...
الموضوع :
ردا الى تصريحات ترامب :: الناتو : الدول الأعضاء متمسكة بمبدأ الدفاع عن بعضها البعض
علي عباس مراد : اني احد منتسبي الشرطة الاتحادية المفسوخ عقدة من جراء الاصابة بعبوة ناسفة والمرض ولم استلم اي تعويض ...
الموضوع :
دائرة شؤون المواطنين في الأمانة العامة لمجلس الوزراء تستقبل شكاوى المواطنين عبر موقعها الإلكتروني
فيسبوك