المقالات

الدستور العراقي والخوف من الشريك السياسي!


علي فضل الله الزبيدي

 

الكل يعلم ما حصل في العراق، بعد 2003 هو عملية إحتلال، ولكن بإسلوب جديد يحمل عنصر الحداثة العصرية، لكنه إستعمار بكل معنى الكلمة، خاضع لفرضية الفوضى الخلاقة،حيث إستطاع الأمريكان، بعد الإجهاز على عموم البنى التحتية للعراق، أثناء فترة الحرب، التي أريد منها إزالة المقبور صدام، التي إستمرت أكثر من عشرين يوما"، أن يجعلوا من العراق خربة، لا تشم فيه إلا رائحة الموت، ولا تنظر إلا الدمار، الذي طال كل شئ تقريبا"، وكان كل ذلك مخطط له من قبل المحرر المستعمر الأمريكي.

الذي لم يكن متوقعا" بالإعتبارات الأمريكية، وأحرجهم كثيرا"، دور المرجع الديني السيد السيستاني(دام ظله)، ومراقبته للمشهد السياسي العراقي، ثم دقة التشخيص من قبل المرجعية، بتحديد ما يحتاجه العراق، أرغمت الأمريكان لتغيير مساراتهم السياسية، المرسومة لإدارة العراق ما بعد صدام، وجراء ذلك الضغط أجبروا، على إجراء إنتخابات مبكرة، وولادة حكومة منتخبة، وكذلك كتابة دستور بأيادي عراقية، وهذان الأمران مهمان لعودة السيادة العراقية، السؤال هنا: هل وقفت أمريكا مكتوفة الأيدي، لمصادرة مشروعها الإستعماري؟.قطعا" لا!.

أما بالنسبة للإنتخابات وتشكيل الحكومة، فكان الإلتفاف على هذه العملية، من خلال وجود قانون إنتخابي، يرسخ لسيطرة الأحزاب، على مخرجات الإنتخابات، فوجود القائمة المغلقة، ثم القائمة النصف مفتوحة، صادرت رأي الناخب، فجاءت النتائج بما تريده الأحزاب وتشتهيه، فتحولت العملية الديمقراطية، إلى دكتاتورية وبإسلوب إلتوائي،   عن طريق شرعنة الحكومة المنتخبة، والتي هي غير منتخبة من قبل الشعب، بل إن أغلبية الأسماء، جاءت بها دهاليز الغرف الحزبية، والغالب منها خاضع لأجندات خارجية، التي إختارت ما تريد هي، وذلك ما يريده الأمريكان.

ثم نأتي إلى الدستور، فهو الذي ينظم العلاقة، بين السلطات الثلاثة ومؤسساتها من جهة، وبين الحكومة والأفراد من جهة أخرى، ونتيجة التدخلات الخارجية، لا سيما أمريكا، التي عمدت على خلخلة الثقة، بين المكونات السياسية، وكذلك بين مكونات النسيج الإجتماعي أيضا"، أدى ذلك إلى ، تخوف الشريك السياسي، من باقي المكونات الأخرى، فجاءت طريقة كتابة الدستور، وفق فرضية التخوف من الشريك السياسي الأخر، لذلك جاءت القواعد الدستورية ضيقة ، تعمل على تحجيم الشريك السياسي، ولا تحمل بعدا" وطنيا في الغالب، بل أبعاد حزبية مقيتة.

الفساد المالي والإداري، والفوضى العارمة التي يشهدها العراق، وضعف المؤسسة الحكومية، وكل إشكاليات العملية السياسية، بالإضافة للتدهور الحاصل في البلاد، يمكن أن ينسب لهذين العاملين، النظام الإنتخابي والدستور الضعيف، فجراء النظام الإنتخابي، جاءت حكومة ضعيفة، وضعفها يعود لسببين:

الأول_ لم ينتج النظام الإنتخابي أغلبية سياسية، حتى تتشكل منها حكومة قوية، تقابلها معارضة برلمانية حقيقية.

الثاني_ الشعب مصدر السلطات، ولكن وفق النظام الإنتخابي الحالي، تم مصادرة إرادة الشعب، لمصلحة رؤوساء الكيانات الحزبية، ليكون البرلمان وفق مقاس الأحزاب.

إذن نحتاج في هذه المرحلة الحرجة، إلى تصحيح مسار العملية السياسية، ولا يكون ذلك، إلا من خلال وعي الشارع العراقي، الذي يجب أن يضغط بإتجاه، تعديل النظام الإنتخابي، ليستطيع من خلاله المواطن، إختيار المرشح مباشرة، دون التأشير القاىمة الحزبية، على أن تكون المحافظة الواحدة، دوائر إنتخابية متعددة، ونحتاج أيضا"، إلى إضافة وتعديل بعض المواد الدستورية، ولا يكون ذلك إلا عبر لجان علمية ومهنية تكنوقراط، من الكفاءات العلمية وفي كل الإختصاصات، لاسيما التخطيط القانون والسياسة والإقتصاد والأمن.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
almajahi : نحن السجناء السياسين في العراق نحتاج الى تدخلكم لاعادة حقوقنا المنصوص عليها في الدستور العراقي..والذي تم التصويت ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
جبارعبدالزهرة العبودي : لقد قتل النواصب في هذه المنطقة الكثير من الشيعة حيث كانوا ينصبون كمائنا على الطريق العام وياخذون ...
الموضوع :
حركة السفياني من بلاد الروم إلى العراق
ابو كرار : السلام عليكم احسنتم التوضيح وبارك الله في جهودكم ياليت تعطي معنى لكلمة سكوبس هل يوجد لها معنى ...
الموضوع :
وضحكوا علينا وقالوا النشر لايكون الا في سكوبس Scopus
ابو حسنين : شيخنا العزيز الله يحفظك ويخليك بهذا زمنا الاغبر اكو خطيب مؤهل ان يحمل فكر اسلامي محمدي وحسيني ...
الموضوع :
الشيخ جلال الدين الصغير يتحدث عن المنبر الحسيني ومسؤولية التصدي للغزو الفكري والحرب الناعمة على هويتنا الإسلامية
حسين عبد الكريم جعفر المقهوي : عني وعن والدي ووالدتي وأولادها واختي وأخي ...
الموضوع :
رسالة الى سيدتي زينب الكبرى
فيسبوك