قاسم العجرش qasim_200@yahoo.com
ممارستنا لحقوقنا السياسية، والتي لم نكن قد ألفناها قبل نيسان 2003 ، إذ بالحقيقة كنا قبل ذلك التاريخ، أشبه ما نكون بأرقاء لدى النظام الصدامي الحاكم، كشفت عن واقع جديد، هو أننا لم نتخلص من العبودية، وأن كل الذي حصل هو أننا أنتقلنا وبأردتنا، من أن نكون أرقاء قسريين لدى النظام الحاكم، الى أن نكون عبيدا لدى القادة السياسيين، أو على الأقل هم يعاملوننا وفقا لهذا التصور!
على صعيد الدولة؛ فإنها ما تزال تفكر بنفس العقلية، إذ تنظر الى المواطنين على أنهم "رعايا"، و"الرعوية" تعني إسترقاق الفرد، وإرتهان أرادته لدى "منظمة" الدولة، فيما المواطنة تعني علاقة تبادلية، من حقوق وواجبات بين هذه "المنظمة" وأعضائها، لا سيما وأن الأمر يتعلق في نهاية المطاف، بالممارسة الديمقراطية الحقيقية ببلادنا.
يكتنف القضايا الوطنية اليوم، غموض كثير ولبس أكثر، ويتأتى معظم الغموض والإلتباس، من أن القيادات السياسية، اختارت الانفراد في التعاطي مع هذه القضايا، وعدم إشراك الشعب، واطلاعه على المستجدات المرتبطة بالشأن الوطني.
بواضح الأمر فإن القادة السياسيين يتصرفون، وهم مؤمنين بأنهم يديرون بلدا من "الرعايا"، لا بلدا من "المواطنين"، والفرق كما تعلمون كبير جدا؛ بين الرعوية والمواطنة!
القيادات السياسية العراقية، خصوصا تلك التي تحولت، الى "زعامات" لتيارات أو قوى سياسية كبرى، نهجت بتعاطيها مع المواطنين؛ منهج الدولة أيضا، وفاقم الأمر انعدام الوعي لدى الساسة، بمستلزمات المرحلة التاريخية الجديدة؛ التي يمر بها شعبنا.
سبب هذا التعاطي؛ هو أن روحية الأسترقاق والقبول به والتصرف على أساسه، متأصلة في نفوس هؤلاء الساسة، ويصعب عليهم مغادرتها، فهم مرتهنين الى الغير، معتمدين في إتخاذ قراراتهم، على التأثيرات الخارجية لدول الجوار وسواها، في معالجة المشكلات الوطنية.
الحقيقة أنه رغم ما للدبلوماسية، والمجتمع الدولي والعلاقات الخارجية، والدعم الخارجي من أهمية في بناء الدولة، والتي ينبغي توظيفها مجتمعة، إلى أقصاها خدمة للمصالح الوطنية، إلا أن عقلية الإسترقاق والعهبودية، حولت تلك العلاقات الى خنوع مُذل، لخدمة المصالح الفئوية والحزبية والشخصية.
الواقع أننا بتنا أمام موقف ينطوي على حقيقتين، الأولـى ونظرا لإرتهان الإرادات السياسية، الى قوى خارجية وبشكل سلبي، ما أدى الى غياب التصرف المسؤول والقرار الوطني، والمحصلة أن الديمقراطية لازالت بعيدة التحقق.
الثانيــة هدم كل مقاييس ومعايير السياسة السليمة، لصالح المناورات والألاعيب السياسية، و تنحي المنافسة السياسية، المرتبطة بالتصورات والبرامج، والخلاصة هي أنهم مرتهني الإرادة، ويريدون إعادة رهننا، لدى المرابي الذي رهنوا إرادتهم عنده!
نحن إزاء مشهد معقد، يحتاج إلى برنامج عفيف ومسؤول لإصلاحه، ليس ترميما ولكن نقضا، بالإتيان ببرنامج مغاير له، ومتجاوز له نعبر به، إلى شواطئ الاستحقاق الوطني والإنساني..
كلام قبل السلام: أول مفردات هذا البرنامج، وكي نكون أحرارا حقيقيين، هو أن نتخلص من العبيد والعبودية..!
سلام..
https://telegram.me/buratha