فاطمة حسين إبراهيم
ان قيام الثورات الاصلاحية الرافضة للظلم والابتزاز والاستبداد والمعارضة لقهر الشعوب واستضعاف الامم لاتقتصر على رقعة محددة او مكان بعينه بقدر ماهي ثورة شمولية عابرة للقارات هدفها تحرير الانسان اينما كان بغض النظر عن لونه او عرقه او دينه ومذهبه. وتجلّى هذا الامر عند ميلاد شرارة الثورة في جمهورية ايران الاسلامية مباشرةً والتي كانت لاتزال فتية بعمرها الذي لم يتعدى الاشهر من انطلاقتها المباركة ،صدح صوت محمد ببيانٍ على لسان روح الله الخميني خاطب فيه القلوب والعقول والظمائر في جميع اصقاع الارض للتنديد بالصهيونية ولرفض تواجدها اللامشروع في قلب الاقصى ذلك الكيان المتعجرف الغاصب والجاثم على صدر وانفاس الشعب الفلسطيني ،واحتلاله قبلة المسلمين الاولى. لم يوجه الامام الخميني قدس سره خطابه الى المسلمين فحسب انما خاطب كل المستظعفين في العالم في اشارةٍ الى الشعوب التي تنتهك الحكومات الجائرة حقوقها وتعبث القوانين المنفلتة بمقدراتها وتستعبد انسانيتها التي حررها الله وتقيدها بتشريعاتٍ لا تنصُّ عليها الدساتير البشرية ولا تقرها الاديان السماوية فهو يوم مواجهة المستكبرين ، ويوم مقارعة الشعوب لجلاديها تلك التي عانت من ظلم امريكا عدوة الشعوب والشيطان الاكبر من جانب و الصهيونية من جانبٍ آخر وان كان العدوان وجهان لعملةٍ واحدة وفي كل مكان. الكل يعلم ان القضية الفلسطينية هي القضية الجوهرية في الشرق الاوسط ،كما انها السبب الاول في جلب الارهاب الدولي الى بلدان المنطقة ، وزرع الفتنة بينها ، لأجل ان تنسى فلسطين وتغيب صورتها من امام العيون ولأجل ان لا تسمع انّات اهلهاوشعبها العربي الذي بات مظلوماً مضطهداً يعيش ظروفاً قاسية من التشريد والابعاد والاقصاء القسري التي قذفت به الى مختلف ارجاء المعمورة بحثاً عن حياةٍ افضل لأطفاله وهيهات ان يجدها بعيداً عن احظان الحبيبة فلسطين وبالمقابل نرى استمرار الاحتلال الصهيوني بقضم الاراضي الفلسطينية وتوسيع احتلالها يوماً بعد آخر وعلى مرأى ومسمع من المجتمع الدولي وصمت العالم الاسلامي الذليل وهو يرى اليهود وهم يتنعمون ويترفهون بمقدرات فلسطين ويجمعون اموال السحت وهم في تطلعٍ دائمٍ الى بناء وتوسيع دولتهم المزعومة . يوم القدس العالمي يعني ان الكيان الصهيوني هو كيان لقيط وغير مشروع اشبه ما يكون بالنازية الهتلرية والفاشية ،ولابد من الوقوف بوجهه وذلك بتحشيد القوى المناضلة والرافضة لهذا الوجود البغيظ والذي وصفه الامام الخميني بالغدة السرطانية وذلك من خلال توحيد الصفوف وجمع الكلمة لأنتزاع الحقوق المغتصبة واعادة الامور الى نصابها . لكن.. ومع بالغ الاسف تبنت بعض الحكومات العربية الاسلامية النقيض من الامر والتي من المفترض ان تناط بها مهمة الدفاع عن ارضٍ عربيةٍ استباحها الغريب واغتصب آمال شعبها نعم ..لقد عادت تلكم الحكومات شعوبها وضيقت الخناق عليها وعاقبتها بالنار والحديد في محاولةٍ لألهائها عن قضيتها وشغلها الشاغل ،وما يجري في البحرين من اعدامٍ وقتلٍ وتشنيع والحرب المفروضة على الشعب اليمني الاعزل والمجازر التي ترتكب بحقه ليل نهار ليست ببعيد وقطع الاعناق واسكات الاصوات الحرة في السعودية اسوء دليلٍ على ذلك ناهيك عن المصائب التي توالت على الشعب العراقي من مئاسٍ وحروبٍ ابتلعت خيرة شبابه مما تدمع له العيون وتدمى لأجله القلوب ، وأخيراً وليس آخراً الحصار الاقتصادي الجائر على الشعب الايراني المسلم ليس ببعيدٍ عن المعادلة الظالمة التي تفرض قسراً لخنق ارادة الشعوب وكسر ارادتها في طلب الحرية التي انتهكت في مذابح الحكام المتصهينين بأسم الاسلام . انها محاولاتٌ بائسة ويائسة لأسترضاء قوى الاستكبار العالمي والماسونية البغيّة وتنفيذاً لأجنداتٍ جعلتهم عبيداً لاملوك وظناً منهم ان كلاً من امريكا واسرائيل هما سبب بقاء ملكهم وعروشهم الخاوية المتهالكة والآيلة الى السقوط حتماً ، متناسين ان لا حكم الا لله ولا يدوم ملك الاّ ملكه وغفلوا ان للظالم جولة ولله جولاتٌ وصولات فالشعوب متحدةٌ وان كانت معاصمها مقيدة وقلوبها صابرة وان كانت متألمة و هي على قناعة تامةٍ انه حتماً سيأتي اليوم الذي تكسر فيه قيودها وتجبر فيه قلوبها المتألمة وتزف فيه عروس الاسلام العفيفة الى قصرها بكرامةٍ وكبرياء يحف بها اهلها وهم يزيلون عن وجهها البهي آثار البكاء ويواسونها بعد الفراق .وترونه بعيداً ونراه قريباً وان غدا لناظره قريب .
https://telegram.me/buratha