طيب العراقي
يوم الأربعاء 15/ 5/ 2019، كان وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو في بغداد، في زيارة سرية خاطفة خائفة، كسائر زيارات المسؤولين الأمريكان، ووفقا لما نشرته وكالة أنباء رويترز الأمريكية، فإن الوزير هدد بشكل مباشر، خلال زيارته بالرد على أي تهديد من قبل الحشد الشعبي.
الوكالة القريبة من دوائر صنع القرار الأمريكي، أفادت " بأن بومبيو كشف عن قيام جهات مسلحة تابعة لإيران بنشر صواريخ قرب قواعد أميركية في العراق"، رويترز اردفت، ان "بومبيو طلب من قادة العراق السيطرة على جماعات تابعة لإيران تهدد القواعد الأميركية، مهددا "بالرد القوي على أي تهديد من الحشد الشعبي".
في 12 أيار، طلبت السفارة الأمريكية في بغداد من موظفيها «غير الأساسيين» في سفارتها لدى بغداد وقنصليتها في أربيل بمغادرة العراق، وعزت السفارة الأمريكية سبب دعوة وزارة الخارجية الأمريكية موظفيها «غير الاساسيين» لمغادرة العراق، الى التعرض لتهديدات متزايدة، مبينة أن وزير الخارجية الأمريكي قد اطلع الحكومة العراقية على تلك التهديدات خلال زيارته الأخيرة.
قبلها في 5/ أيار ووفق ما نقلته رويترز ذاتها؛ قالت المتحدثة باسم القيادة المركزية الأمريكية «سينتكوم»، المسؤولة عن منطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى، النقيب بيل أوربان، في تصريحات صحافية، إن «القوات الأمريكية في العراق باتت الآن في درجة عالية من التأهب، بينما نستمر في مراقبة تهديدات مؤكدة، قد تكون وشيكة بالنسبة للقوات الأمريكية في العراق».
كل هذه التصريحات؛ تأتي في سياق صناعة حدث لم يحث وربما لن يحدث قط! فالبروبوغاندا الأمريكية، تعمل وفقا لنظرية "التوازن وإدامة الصراع"، القائمة على خلق مناطق نزاع، أو نعرات طائفية أو مشاكل حدودية، يمكن اللعب عليها وتحريكها، كلما دعت الضرورة للضغط على طرف من الأطراف.
الحقيقة أن الحشد الشعبي والذي هو قوة ردع رسمية، تخضع كليا لتوجيهات وقيادة القائد العام للقوات المسلحة العراقية، ليس في وارد أن يكون أداة لتنفيذ الرؤية ألأمريكية في إدارة الأمور، فأولوياته معروفة وتتمثل بالدفاع عن الدولة العراقية والدستور، وكونه قوة محكومة بالقانون؛ فإن هذا وحده كاف؛ لأن يكون موقفه من أي صراع دولي أو إقليمي، نابعا من موقف الحكومة العراقية والقائد العام للقوات المسلحة.
مع التأكيد على إتحاد الأهداف؛ وتطابق الرؤى مع الجمهورية الإسلامية، بسبب وحدة الخنادق ومشتركات مصير، إلا أن الحشد الشعبي في العراق؛ وفصائل المقاومة التي تشكل عموده الفقري، أبدوا قدرا كبيرا ورائعا من الإلتزام بالقانون العراقي، وجرى التصرف بإنضباط عال، ومسؤولية وطنية منقطعة النظير، إزاء الصراع الذي تحاول الإدارة الأمريكية جر إيران والعالم أليه، تنفيذا لمنهجها الذي أشرنا اليه.
الحشد الشعبي وهو الملتزم بتنفيذ رؤية الدولة العراقية، التي لا تسمح بتحويل العراق الى منصة لمهاجمة الجيران، لذلك فإنه ليس حيادي حيادا سلبيا، وهو وإن كان قوات قتالية، إلا أنه ورجاله ضد الحرب بكل أشكالها، وهم الذين خبروا ويلاتها وأكتووا بنيرانها، وقد قدموا تضحيات غالية جسيمة لأجل أن تنطفيء نيرانها، بعدما أشعلها الأمريكان أنفسهم بصناعتهم داعش، وهم لن ينجروا الى معركة تريدها الإدارة الأمريكية لخلط الأوراق، وتمنحها الذريعة للحصول على مزيد من مواطيء الأقدام على أرض العراق.
الحشد وقيادته يدعم أي جهد دبلوماسي، يجنب المنطقة وبضمنها العراق ويلات الحروب،
وهذه الرؤية تعمق فكرة الابتعاد عن المواجهة العسكرية المباشرة، هذا ان لم يكن الخيار العسكري مستبعد اصلاً، والتعويل على الجهد الدبلوماسي لادارة الازمة في المنطقة.
إن الإدارة ألأمريكية تحاول إستعداء الحكومة العراقية ضد الحشد الشعبي، من خلال نظرية "التوازن وإدامة الصراع"، القائمة على توزيع مدروس لمناطق النفوذ، بين قوى الإقليمية من أجل خلق ما يصطلح عليه بمفهوم «السلطة المراقَبة»، حيث تقوم هذه القوى، بحكم التناقضات التي تميز كل نظام سياسي على حدة، بمراقبة بعضها البعض، مما يخلق نوعاً من «التوازن» يخدم الأهداف الاستراتيجية للولايات المتحدة الأميركية، والتي تعمل على اللعب على حبال هذا التوازن، بترجيح كفة طرف للضغط على الطرف الآخر وهكذا!
................
https://telegram.me/buratha