قاسم العجرش qasim_200@yahoo.com
نقرأ يوميا وعلى صفحات مواقع التواصل الإجتماعي، وعلى أديم ورق الصحف اليومية؛ كلاما نكوصيا مرهقا، يلتقي كله عند نقطة إدانة الحاضر، والترحم على الماضي والإشتياق له، بل وتسميته بـ"الزمن الجميل"، مع أنه زمن الجوع والقر والمرض، تحت حكم سلطة دولة الخوف، في العهد الجمهوري إبتداءا من عبد الكريم قاسم، وإنتهاءا بأطغى الطغاة صدام حسين، أو تحت سلطة العهد الملكي بكل أمراضه وأسقامه.
معظم الذين عاشوا في زمن الملوك قد أنقرضوا، لكن القلة القلية الباقية هم اما فاقدي الذاكرة، أو من المندكين بالنظام آنذاك، أو من مرضى الإنقياد الى الإستبداد..
اصحاب نداء"الزمن الجميل"، من الذين عاشوا الزمن الجمهوري الأول، هم من اليسار العراقي المصاب بمرض الزهايمر، وبسبب ذلك نسوا أو تناسوا مناظر "السحل" الشيوعي في شوارع كركوك والموصل، أو نحوا جانبا صور حبال الإعدام يلوح به الرفاق لكل معارض..
لكن وعلى الرغم من هذا الترويج النكوصي المقصود، الذي يكشف عن حنين معتنقيه الى الإستبداد، لم يكن العراقيون يوما منقادين للأستبداد، بل هم عشاق دائميين للحرية، لكن ثمة من يروج لنظرية الخوف من الحريات، تحت ثنايا شعارات الحنين الى "الزمن الجميل".
حكاية "الزمن الجميل" تنطوي على التخويف من الحريـــة؛ وهي سياسة يروجها أدعياء المدنية، والرداحون في سوق المتنبي، واللقامون على أعتاب السفارات؛ و وأدواتهم من منظمات ما يسمى بالمجتمع المدني المشبوهة..
على هذا الأساس يرى المتشائــم المدني وصنوه اليساري؛ أنه لا تصلح لنا إلا قوة الحديد والنار، على غـرار قول المتنبي: لاتـشـتـري الـعـبـد إلا والـعـصـا معه ...إن العـبـيـد لأنجــاس مـنـاكــيـد.
لقد أعطى شعبنا؛ لعشاق"الزمن الجميل" فرصتهم لمدة 83 عاما، وأنتهت تجربتنا معهم في 2003، الى أن يتم تدمير العراق بشكل يكاد يكون تاما، ولقد فشلوا فشلا ذريعا، ومع أنه لا يمكننا منعهم من الحنين الى زمنهم الأغبر، ولقد باتوا يشكلون عائقا كبيرا في طريق مسيرتنا، بإنشدادهم الى الماضي بكل إسقاطاته وتداعياته المؤلمة، غلى الرغم من إجهاد أهل ذلك الماضي أنفسهم، بإلباسه رداءا جميلا.
كي نضع أقدامنا على نقطة شروع حقيقية، للتخلص من الماضي وآلامه وآثامه، علينا أن نستبعد تماما أي قوة سياسية، تريد إعادتنا الى الوراء لسببين لا ثالث لهما، الأول أن مثل هذه القوة قد أعطيت الفرصة الكافية وأنها فشلت بالكثير من التفاصل ولكنها حققت نجاحا كبيرا في التسيد علينا! وهذا لم يكن من ضمن ما كنا نريده منها! والثاني أن لا وقت لدينا لتجريب الهياكل الهرمة مجددا، فقد باتت تلك الهياكل خارج نطاق التغطية ..
كلام قبل السلام: هذه التوليفة "التعبانة، من الذين "يهطرون" بأغاني "الزمن الجميل" يعتقدون أننا عبيد، ولكننا ونحن قد أزحنا عن أرضنا خفافيش الظلام الداعشي؛ أننا لسنا فقط أحرارا، ولكننا معلمين جيدين متمرسين للحرية للآخرين ..!
سلام..
https://telegram.me/buratha