ميثم العطواني
ليس بالغريب ان يتراجع رئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب عن التهديد الذي وجهه الى إيران، والذي أكدنا في مقالاتنا السابقة على انه لم يكن أكثر من تصعيد إعلامي ليس إلا، وما كانت رؤيتنا إلا وفق منظور إستراتيجية الحرب الحديثة التي تكمن وتتبلور مبادئها في عملية اختيار الهدف، حيث لم تكن أميركا في تصعيدها الإعلامي قد اختارت الهدف الصحيح، وذلك ببساطة لإن إيران ليس كحال السعودية كما يعتقد ترامب الذي جنى منها مليارات الدولارات بمجرد إذاعة خبر مفاده تخلي الولايات المتحدة الأمريكية عن حماية السعودية ما لم تدفع الرياض تكاليف هذه الحماية، إذ ان إيران التي تنظر لموضوعة التهديد نظرة عقائدية مرتبطة بالخلاف المتجذر والنوايا التي تكنها واشنطن للإسلام والمسلمين وليس لإيران فحسب قبل جميع الحسابات مما يعزز من ارتفاع الروح المعنوية والتمسك بمفهوم العقيدة القتالية.
بعد ان كشفت طهران ورقة من أوراقها السرية التي وضعت فيها أربعة وثلاثون قاعدة عسكرية أمريكية موزعة في العراق وتركيا والسعودية وقطر والإمارات والكويت وإفغانستان ودول أخرى بإنها تحت مرمى الصواريخ الإيرانية بالإضافة الى خمسة آلاف صاروخ أرض أرض موجهة تسهم في تدمير "إسرائيل"، لم يكن متوقع من ترامب إلا التراجع عن تهديده بل راح يوسط أطراف أخرى لإجراء مفاوضات جديدة من اجل حفظ ماء وجهه، لإنه أدرك تماما بعد إستشارة خبراء الشؤون العسكرية ان في هذه الحرب سوف يخسر مبادرة القيادة والسيطرة في القواعد المستهدفة جراء تحقيق عناصر وأبعاد المفاجأة الاستراتيجية التي ستستخدمها إيران، بالإضافة الى سخط الشعوب من سياسة أمريكا في الدول التي تتواجد فيها تلك القواعد التي من المؤكد ستهاجمها بعد استهدافها بالصواريخ الإيرانية، ومن هنا تكمن الخطورة بإن على أمريكا ان تواجه أشباحا في هذه الدول وما تجربة المقاومة الإسلامية في العراق إلا دليل على ذلك.
مسرح العمليات العسكرية المفتوح أمام إيران يجعل منها صاحبة زمام الأمور، مما يتوجب على الولايات المتحدة إعادة النظر إذا ما اتخذت قرار الحرب، وهذا ما جعل من ترامب صاحب العنجهية المتعسف في إتخاذ القرار ان يعيد حساباته بجدية والإتصال بإطراف أخرى للتأثير على طهران لإجراء مفاوضات جديد.
هنا يجب على أمريكا ان تعي ان إيران لديها القدرة الاستراتيجية على إدارة أسلوب حرب طويلة الأمد سوى كانت إقتصادية أو مسلحة إذا لزم الأمر، والمحافظة على التمتع بمستوى مرتفع للروح المعنوية لكل من الشعب والأمة والقوات المسلحة.
https://telegram.me/buratha