علي الطويل
في مثل هذه الايام تمر علينا ذكرى ارتحال السيد عبد العزيز الحكيم الى بارئه ، ارتحل وهو يحمل هم العراق ورحل ولم يرحل اثره تركنا جسدا ولم يتركنا اثرا ، لقد كان السيد عبد العزيز رحمه الله من الشخصيات القليلة التي اعطت كل ماتملك ولكنها لم تاخذ شيئا مقابل هذا العطاء ، فقد كان عزيز العراق ورعا وتقيا سخر نفسه في سبيل خدمة الدين والوطن ، ولم يكن له هم سوى ان يرى العراق معافى يسوده الاستقرار والامان ، وقد كان المرحوم ذو فكر خلاق وافق سياسي بعيد ، ينظر بمنظار الغد وليس بمنظار اليوم والامس ، لم يكن الكثير من السياسيين العراقين يعرفون قيمة عمله ويقدرونها ، فقد كان مفاوضا ناجحا قاد عمليات التفاوض مع المحتلين ليستحصل الحقوق ويثبت المواقف ، وارسى قواعد عمل سياسية ناضجة لو طبقت لكان العراق الان على غير هذا الحال .
لم يشعر العراقيون ؛ واقول العراقيون لان انظار الشعب كانت شاخصة باتجاهه تتامله وتنتظر مواقفه في كل الازمات والمشكلات لحلحلتها؛وكذلك المجلسيون لم يشعروا بفراغ القيادة بعد استشهاد شهيد المحراب ، اذ كانت اكثر الملفات السياسية بيد المرحوم عزيز العراق وكان يديرها بكل كفائة واخلاص ، وعندما تقرأ كتاب بريمر ( عام قضيته في العراق) تجد مرارة ماعاناه المحتلين واضحة من شجاعة واصرار السيد عبد العزيز في استحصال حقوق الشعب ، فقد كان همه الاول هو ازاحة الظلم الطويل عن هذا الشعب الابي ، ومن يستمع الى احاديثه يجد عبارة لاتفارق لهجته ولا تخلوا اجتماعاته ولقاءاتها منها الا وهي( تغيير المعادلة الظالمة التي حكمت العراق ل80 سنة ) ويعني بذلك ارجاع الحق للاغلبية المظلومة ، وانصاف ضحيا النظام البعثي الظالم الذي جائت نتيجة تلك المعادلة ، وقد نجح ذلك الهدف وثبت الحق في الدستور ، وقد كان يركز في احاديثه على الخلاص من البند السابع ، في وقت لايعرف معظم الساسيين العراقيين ماهو البند السابع وماهي بنوده ، ولا كيف يمكن الخلاص منه ، ولا باي طريقة يضر العراق ، وقد قاد حركة كبيرة انتهت بازاحة معظم بنود البند السابع وخاصة تلك التي ترهن اموال العراق ومصلحته ،
لقد كان السيد عبد العزيز الحكيم يعمل بما يمليه عليه دينه واخلاصه للعراق فقط ، ولم يكن له يوما طموح شخصي ، ولا نافس المتنافسون على طبق المغانم ، فقد كان قليل الكلام كبير الفعل ، لايحب الظهور الاعلامي لاعتقاده ان العمل يجب ان يكون خالصا لله وحده ، فقد كان زاهدا بالمواقع والمناصب ، فقد كان يستحصل الحقوق وياخذ مغانمها الاخرون على طبق من ذهب ، وقد ظلمه المقربون قبل الابعدون ، وشنت عليه الهجمات الاعلامية دون ان يكترث او يتردد او يتوقف في دفاعه عن الحق ، ودون ان ياثر ذلك على علاقاته بمن يتهمونه ويشتمونه، لقد رحل عزيز العراق ولم يشعر الاخرون بقيمة اعماله الا بعد وفاته ، عندها افتقدوا جبلا وملاذا كان يحميهم ويصد عنهم ويقف بوجه المحتلين كالجبل ، فلم يعرف الاخرون قيمة ذلك الا بعد وفاته، اننا اذ نستذكر هذه الشخصية الكبيرة انما ندين له بالفضل على العراق والعراقيين فيما حصلوا عليه من سيادة على بلدهم وخلاصهم من الاحتلال ، فسلام عليه يوم ولد ويوم ارتحل الى بارئه ويوم يبعث حيا.
https://telegram.me/buratha