المقالات

حكومة العراق.. وحرب توازن المصالح


علي فضل الله الزبيدي

 

العراق بل العالم كله، أمام متغيرات ومنعطفات كثيرة ومتسارعة، تحتم على السياسي الذي يكون وسط ذلك الميدان المرتجف والمتقلب، أن يتحلى بالحنكة والبصيرة والدراية بما يملك من نقاط قوة وضعف، وللعلم الشعور بالضعف( المنضبط) قد يكون مصدر الإلهام للقائد في بناء وتجديد وتطوير الخطط المستقبلية، فيكون الضعف سببا للبحث والإستكشاف والمتابعة، على عكس الشعور بالقوة (المفرط) قد يولد حالة من الخمول الأستراتيجي، ويجعل الدولة ومؤسساتها ذاهبة للتأكل والفوضى، لـ (لينين)  قول شهير بعد دراسته لإطروحات المؤرخ والمفكر العسكري( كلاوزفيتز) فحواه:(إن السياسة هي الذكاء، أما الحرب فهي وسيلتها فقط).

فحكومة السيد عادل عبد المهدي، يبدو إنها بدأت بالتحول من التنظير لوضع ورسم السياسة الخارجية، إلى مرحلة التطبيق وإستثمار المنجز العسكري والأمني، من خلال الإنفتاح على المحيط الخارجي، وهي خطوة تأخرت كثيرا"، ولكن وكما يقال: أن تأتي متأخرا" خيرا" من أن لا تأتي، ولكن المشكلة التي لربما تعترض هذا الإنفتاح لحكومة عبد المهدي، هو حدة التقاطعات في المنطقة بين الفرقاء الإقليمين والدوليين، فالحرب العسكرية التي أديرت بالوكالة في محيط إقليم الشرق الأوسط وإن إنتهت لحد ما، إلا  أن حرب النفوذ والهيمنة لا زالت قائمة، عبر السيطرة على مراكز الطاقة ونقلها، وكذلك السوق الإستهلاكية الناشئة الكبيرة، التي يسيل لها لعاب كبرى دول العالم والشركات المتعددة الجنسية، أضف لذلك فأن العراق والمنطقة مصدر لكثير من الموارد الطبيعية.

عليه نلاحظ حج الوفود الرسمية ومن كافة الدول بإتجاه العراق، تظهر مدى أهمية العراق على المستوى القريب والبعيد عبر جوانب جيوسياسية وجيو إقتصادية وحتى أمنية وثقافية، بالمقابل وهو الأهم أين تتجه العلاقات العراقية؟ هل بإتجاه محور معين؟ أم بإتجاهات متعددة؟ الواضح من خلال زيارات السيد عبد المهدي الأخيرة، إن هنالك عقلنة سياسية وإتزان منضبط لدرجة ما، في موضوعة الإنفتاح السياسي الخارجي، يبدو واضحا" من خلال عقد إتفاقيات كبيرة مع الضدين إيران والسعودية وقبلهما الأردن ومصر، كما وأتجهت بوصلة الإتفاقيات الإستراتيجية، صوب أهم قطبين من مجموع الثلاثة  الأوربين الأقوياء ألمانيا وفرنسا، وعلى أمل أبرام إتفاقيات إستراتيجية مع الولايات المتحدة الأمريكية في مجال عقود السلاح وتطوير قطاعات الطاقة المختلفة والبنى التحتية، ومن المفترض أن يكون هنالك إتفاقيات كبيرة مع تركيا والهند اليابان وكوريا والبرازيل ودول كثيرة.

رب سائل يسأل لما هذا الإنفتاح والتنوع العراقي في إبرام الإتفاقيات، وهل من ضرورة لذلك؟ الجواب على ذلك! نعم، وهي ضرورة ملحة للعراق، فهذه التنوع وتعدد المشارب الإستيرادية، قد يعالج ضعف الإنتاج العراقي في قطاعي الصناعة والزراعة، ويعد نقلة نوعية للأسباب التالية:

ـ بهذه الإتفاقيات المتنوعة يؤكد نهجه الثابت بعدم التمحور بالإصطفافات الإقليمية والدولية، ويؤكد إن العراق منفتح على الجميع وفق مبدأ أحترام السيادة والمصالح المتبادل.

ـ إن تعدد المشارب التجارية يقلل من لغة الإحتكار للسوق العراقية لجهة أو جهات متعددة، ويزيد من عامل المنافسة بالسعر والجودة للحكومة والمواطن العراقي.

ـ يخلق بيئة إستثمارية سليمة، تشجع كل المراقبين للسوق العراقية، وتكون جاذبة للإستثمارات الخارجية للسوق العراقية و سببا" لتنشيط القطاع الخاص وتقليل نسب البطالة من خلال خلق فرص عمل حقيقية لكافة شرائح المجتمع وفي كافة المحافظات العراقية.

ـ الأهم من ذلك كله، إن تعشيق الأقتصاد العراقي بإقتصاديات العالم وعلى الأرض العراقية، يجعل منه سببا" لترسيخ الأمن والسلم المجتمعي في العراق، لتتحول الدول والشركات العالمية الكبيرة عنصرا" مساهما" في إستقرار العراق وسوقه التجارية للحفاظ على مصالحهم.

وفق هذه المعطيات الأجدر بنا أن نبتعد عن لعبة توازن القوى وما تجره من ويلات للاعبيها، وتكثيف الجهد من قبل حكومة السيد عبد المهدي لتحقيق مبدأ توازن المصالح الإسترتيجية، لتكون هي الأساس في توطيد العلاقات مع المحيط الخارجي، وهذا يتطلب إتقان فن الدبلوماسية والتفاوض في إبرام الإتفاقيات.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاكثر مشاهدة في (المقالات)
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك