طيب العراقي
زيارة رئيس الوزراء العراقي؛ السيد عادل عبد المهدي الى المانيا وفرنسا، كانت خطوة جريئة وبالاتجاه الصحيح، بالإنفتاح على العملاقين الإقتصاديين الأوربيين، والتي توجت بإتفاقات إقتصادية مهمة، كان في مقدمتها التعاقد مع شركة سيمنس الألمانية العملاقة، لتحديث قطاع الكهرباء في العراق، والأتفاقات الأمنية والعسكرية مع فرنسا، وكلها تصب بالدرجة الأولى بمصلحة العراق، وتفتح آفاق واعدة لعملية الإستثمار فيه، وحتى لانكون مقيدين باقتصاد احادي المورد ومحدود العلاقات.
هذه الخطوات الجريئة تشي، بأن ثمة تحرك مدروس تقوم به الحكومة العراقية، وأن هناك رغبة بتنويع العلاقات الأقتصادية العراقية، وعدم البقاء أسرى التوجهات الأمريكية؛ التي تفرض علينا نمطا من الحياة الأقتصادية لا تخدم العراق، بقدر ما تخدم الماكنة الأقتصادية ألأمريكية ذاتها، والتي تتميز بغياب الوازع الأخلاقي؛ وسيادة عقلية التغالب، وبنزعتها نحو الهيمنة على مقدرات الشعوب، وإستغلال مواردها أبشع إستغلال..
هذا التحرك مندوب بحد ذاته، لكن يجب ان تتبعه خطوات على دول اخرى، مثل الصين وكوريا الجنوبية وماليزيا، ومصر وجنوب أفريقيا والهند، وسنغافورة والبرازيل والدول الاسكندنافية، لتلبية حاجات العراق الاقتصادية وتنويع علاقاته وموارده.
ثمة امور يعرف بها عبد المهدي قبل غيره، بحكم توفره على معارف إقتصادية اكاديمية، ويعرف أن الحاجة ملحة جدا لحلول إقتصادية لتنشيط الزراعة والصناعة وإعادة فتح المصانع والمعامل المتوقفة، منذ 2003 ولحد الان! حيث كتب عبد المهدي ضمن بحوثه في "مقاربات في الاجتماع السياسي والاقتصادي الإسلامي" وايضا "الثوابت والمتغيرات في التاريخ الاقتصادي"، وهي دراسة اكاديمية عن إعلاء قيمة العمل، الذي يجلب الاستقرار والازدهار.
لقد تضرر الاقتصاد العراقي، بشكل مستمر في ظل التوترات الجيوسياسية، وتحول أرضه الى مسرح للقتال ضد الإرهاب الذي أستهدف العالم أجمع، ما أدى إلى معاناة وتحديات يتعين أن ننظر إلى الاقتصاد العراقي، والى التنمية الاقتصادية، من منظور التحديات والخيارات، وعلى الرغم من ارتفاع أسعار النفط، لكن هذا لم يحسن من وضع عموم العراقيين، وبقي العراق يعتمد على واردات النفط فقط، ولم يعتمد على الانتاج الزراعي او الصناعي، الشبه متوقفين.
بديهي أن من الضروري التوصل لمصادر نمو جديدة، وخلق فرص عمل كثيرة لمواجهة التحديات الإقتصادية والإجتماعية المتعاضمة، والفرصة الآن سانحة لتحريك القطاعات الإنتاجية بعد أن حقق العراق إنتصارات كبرى على الإرهاب، وبات من الضروري الشروع بإعادة إعمار العراق كله، بما فيه المناطق المحررة، ويجب الوقوف على السيناريوهات المتوقعة لمستقبل العراق، في ظل الازمات التي يعيشها منذ عقود.
من الضروري توفير بيئة عمل نشطة، لإمتصاص البطالة وقطع الطريق على الإرهاب، الذي يجد مرتعا خصبا في البيئات الإقتصادية المتردية، لا سيما ان تعدد الموارد والواردات، يسهم في استقرار العراق امنيا وسياسيا واقتصاديا، خاصة وأن العراق يواجه بعد هزيمة داعش المهمة الصعبة، المتمثلة بالحاجة إلى معالجة ميراث الصراع السابق، وإعادة البنية التحتية، وتوفير الخدمات، وهذه من اولويات النجاح في المرحلة القادمة، والتي سيكون لها صداها حتما، في تحقيق مفردات البرنامج الحكومي، الذي طرحه السيد عبد المهدي، ونال بسببه مصادقة البرلمان على حكومته، ومن اهمها الملف الاقتصادي، لما في ذلك من أثر واضح في النهوض المستقبلي للعراق.
......................
https://telegram.me/buratha