المقالات

ظهور البغدادي .. رسائل واشارات

2054 2019-05-03

خالد الخفاجيKhalid.alkhafaji@yahoo.com

 

أنهى ظهور زعيم تنظيم "داعش" الإرهابي الجدل الدائر حول مقتله وعن انحسار دور التنظيم في العراق وسوريا ونية الانسحاب من سوريا وتعزيز التواجد الأمريكي في العراق, وجاء متساوقا مع تصريحات أمريكية أخرى ناقضت التصريحات السابقة أطلقت في الآونة الأخيرة عن رصد لتحركات "البغدادي" بين العراق وسوريا, وعن استعداداته لإعادة بناء تنظيمه وفق إستراتيجية حرب عصابات جديدة بعد انهياره عسكريا وفقدانه معظم الأراضي التي سيطر عليها في العراق وسوريا وكانت مصدر تجنيد وتمويل له, تصريحات أثارت الانقسام في العراق بين مؤيد ومعارض للوجود العسكري الأمريكي.

ظهور البغدادي في هذا الوقت أرسل إشارات واضحة للمطالبين بانسحاب القوات الأمريكية من إن التنظيم مازال قائما وان الأفاعي المختبئة في جحورها قادرة على الخروج في أي وقت لتخلط الأوراق وتعيد ترتيبها من جديد وفق ما تقتضيه المصالح الأمريكية, خاصة إن الجهود البرلمانية الرامية إلى تعديل اتفاقية الإطار الاستراتيجي التي تبيح التواجد الأمريكي قد حسمت أغلبيتها, رغم اصطدامها بمعارضة رئيس مجلس النواب الذي أعلن أكثر من مرة عن حاجة العراق للقوات الأمريكية وعرقل تعديل الاتفاقية.

يستطيع إتلافي الفتح وسائرون والمتحالفين معهم تعديل اتفاقية الإطار الاستراتيجي للدفاع المشترك الموقعة بين العراق وأميركا في تشرين الثاني 2008 وفق الآليات المنصوص عليها في القسم الحادي عشر من الاتفاقية لصالحهم لعدم إيفاء الولايات المتحدة بالتزاماتها (للوجود المؤقت لهذه القوات) التي وردت في القسم الثالث من الاتفاقية والتي نصت على تنمية الترتيبات الدفاعية والأمنية والتعاون في مجالي الأمن والدفاع، بشكل يحفظ للعراق سيادته على أرضه ومياهه وأجوائه، بينما تصرفت القوات الأمريكية كصاحبة الأرض والسيادة, وفرضت سطوة مستشاريها على القوات العراقية وتحديد أماكن انتشارهم من عدمها على الأرض العراقية والسعي لاتخاذه قاعدة متقدمة لمراقبة دول الجوار لزعزعة الأمن والاستقرار فيها كما صرح الرئيس الأمريكي "ترامب" وقادة عسكريون أكثر من مرة.

إن الولايات المتحدة بوسائلها الماكرة تسعى إلى إجبار العراق على حسم خارطة تحالفه بين العدوين اللدودين إيران وأمريكا وفق قانون (إن لم تكن معي فأنت ضدي), والتلويح بإمكانية إعادة نكسة 10 حزيران ثانية إذا ما اختير الحليف الخاطئ, وهذه المرة يمكن تسليم المنطقة الخضراء بمن فيها لعصابات داعش, وهذا يعني إبقاء العراق أمام خيارين أحلاهما مر, التحالف مع إيران يعني عداوة أمريكا وتنفيذ سيناريوهات التدمير الخفي, وأما التحالف مع أمريكا وهذا يعني استمرار الفوضى في البلاد.

تشير الحقائق الدامغة إلى إن التواجد الأمريكي باسم مكافحة الإرهاب في اغلب الدول كان ولا يزال مثار تذمر واستياء من الشعوب ويخلق بيئة صالحة للإرهاب, ومصاحب دائما لعدم الاستقرار والاضطرابات والاغتيال السياسي والنيران الصديقة, وهذه كلها تؤلب الشعوب ضد حكوماتها وتزيد من تصاعد وتيرة الإرهاب, ففي دراسة عن قاعدة بيانات الإرهاب العالمية أعدتها جامعة "مريلاند" الأمريكية عن تأثير الحرب الأمريكية المزعومة على الإرهاب على سبعة بلدان إسلامية غزتها الولايات المتحدة أو شنت عليها غارات جوية, وجدت إن عدد الهجمات الإرهابية ارتفع بنسبة مذهلة بلغت "1900%" في هذه البلدان، في حين شهدت دول أخرى ذات أغلبية مسلمة زيادة متواضعة بلغت أقصاها "42%". ووجدت خطوط بيانات النماذج الإحصائية أيضًا أن البلدان التي أجرت فيها الولايات المتحدة ضربات جوية أو بطائرات بدون طيار شهدت ارتفاع هائل في الهجمات الإرهابية بلغت 50 ضعفا مقارنة بالدول التي لم تنفذ فيها الولايات المتحدة لأية ضربات عليها, والأكثر إثارة للدهشة هو أن النماذج أظهرت تأثيرا كبيرا عند مقارنة الضربات التي نفذتها الطائرات بدون طيار في السنة الأولى في زيادة عدد الهجمات الإرهابية التي نفذت بعد ذلك بعامين، وهي نتيجة تتوافق مع النظرية القائلة أن الضربات الأمريكية لها تأثير محفز على الجماعات الإرهابية أو خلق جماعات جديدة تحارب الوجود الأمريكي, وانه كلما توسعت الحرب الأمريكية على الإرهاب، كلما أدت إلى تنامي مستويات الإرهاب أكثر.

تقول حكمة فيلسوف الطغاة المخلوعين حسني مبارك (المتغطي بأمريكا عريان), فهل سيتعض ساستنا من إن لا غطاء يستر عوراتهم غير التحالف مع من يصون ويحمي مصالح دولتهم وشعبهم, وان أمريكا عاجلا أم آجلا ستكشف عوراتهم وتقودهم إلى حتف أنوفهم بعد أن تنتفي الحاجة منهم ؟

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
almajahi : نحن السجناء السياسين في العراق نحتاج الى تدخلكم لاعادة حقوقنا المنصوص عليها في الدستور العراقي..والذي تم التصويت ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
جبارعبدالزهرة العبودي : لقد قتل النواصب في هذه المنطقة الكثير من الشيعة حيث كانوا ينصبون كمائنا على الطريق العام وياخذون ...
الموضوع :
حركة السفياني من بلاد الروم إلى العراق
ابو كرار : السلام عليكم احسنتم التوضيح وبارك الله في جهودكم ياليت تعطي معنى لكلمة سكوبس هل يوجد لها معنى ...
الموضوع :
وضحكوا علينا وقالوا النشر لايكون الا في سكوبس Scopus
ابو حسنين : شيخنا العزيز الله يحفظك ويخليك بهذا زمنا الاغبر اكو خطيب مؤهل ان يحمل فكر اسلامي محمدي وحسيني ...
الموضوع :
الشيخ جلال الدين الصغير يتحدث عن المنبر الحسيني ومسؤولية التصدي للغزو الفكري والحرب الناعمة على هويتنا الإسلامية
حسين عبد الكريم جعفر المقهوي : عني وعن والدي ووالدتي وأولادها واختي وأخي ...
الموضوع :
رسالة الى سيدتي زينب الكبرى
فيسبوك