قاسم العجرش qasim_200@yahoo.com
الحديث عن أن الفساد قد تفشى في مفاصل الدولة العراقية، بات على كل لسان وقلم، وها هو وقد أصبح، ملح الصفحات الأولى لصحفنا وصحف غيرنا أيضا، وتعج به وسائل التواصل الأجتماعي، حتى يتخيل المرء ان العراقيين فاسدون عن بكرة أبيهم، على قاعدة "كلهم حرامية!
في مقاربات سابقة تحدثنا عن الفساد، وغيرنا أيضا أشبعه تحليلا ونقدا وتنظيرا، وكثر الحديث عن هذا الشأن المهم في حياتنا، وبما جعلنا نتحسس دوما، من كل تصرف يقدم عليه أي مسؤول حكومي، وبالتالي وصلنا الى حال فيه جميعا، متهمين بالفساد بمختلف أنواعه، ويمكن أن تطال أي منا آلة النقد والتجريح، وصب جام الغضب، والتعرض حتى للخصوصيات الشخصية جدا..
صحيح أن مقارعة الفساد والقضاء عليه، تتطلب جهدا وطنيا واسعا، وصحيح أن على الإعلام مهمة جليلة في هذا الشأن، وهي أن يكون بمثابة الضوء الساطع، الذي يكشف عتمة ما يجري في الخفاء والدهاليز المظلمة، وما مخبأ في الأدراج وتحت الطاولات، لكن الصحيح أيضا؛ أن يكون هذا الجهد خاضعا لسلطان الأدلة الثابتة، والنقد الموضوعي البناء الهادف، وتحري الدقة والصواب فيما يكتب وينشر..
إن التعميم مرض وبيل خطير، وهو عندما ييخذ كمنهج بالتعامل مع الأشياء، ومنها موضوعة الفساد، يكون أخطر من الفساد ذاته، لأن التعميم سحابة سوداء، تصلح وبشكل لافت لأن يتخفى في ركامها الفاسدين.
لقد بات من المتيقن أن كثير من القضايا المثارة، هي أما لا تستحق الإثارة لتفاهة موضوعها، أو أنها ناتجة عن شكوك وسوء فهم وتقدير، أو لأغراض كيدية..
إننا كشعب نريد أن نستثمر الوقت أفضل أستثمار، وأن تمضي عجلة البناء الى أمام، بتسارع مضطرد، كي نعوض الفاقد الحضاري، الذي يتسع يوما بعد يوم بيننا وبين الآخرين، ويفترض أن توضع ضوابط وتعليمات تيسر هذا التوجه، لا أن تعرقله، غير أن ما تشهده قطاعات الأعمار والبناء والمشاريع، من تأخر وتلكوء بل وتوقف تام، يرجع في أحيان كثيرة الى خوف القائمين عليها، من بعبع الاتهامات والتداخلات من جهات متعددة، مرة تحت طائلة القانون، ومرات تحت عنوان العرف الإداري.
إن الموظف الحكومي اليوم متهم حتى تثبت براءته، وسمعته وصلت الى أدنى مستوى، نتيجة لشيوع المنهج الذي أشرنا اليه، ومع أننا لا نبغي التغاضي عن الفساد أو السكوت عليه، لكننا نريد أن نبني لا أن نقف في محلنا، وعلينا البحث عن آليات؛ تجنب الموظف الحكومي من الوقوع في بئر الفساد، لا أن نترك الأمور على غاربها، فتكثر الحفر والمطبات والمنزلقات والآبار، ويسقط الموظف والمؤسسة التي يعمل فيها، في واحدة منها لا محالة.
كلام قبل السلام: في كل هذا فإن الخاسر هو الوطن والمواطن، والخسارة لا يمكن تعويضها أبدا، لأنها زمن، والزمن ليس عقارب ساعة؛ بل هو شيء نحسه ونعيشه وأذا مضى لن يعود أبدا..
سلام...
https://telegram.me/buratha