المقالات

حينما تتجرد وسائل السياسة من معاييرها الأخلاقية..!

1915 2019-04-24

قاسم العجرش qasim_200@yahoo.com

 

ما من شك أن العمل السياسي؛ نشاط إنساني خلاق؛ يجد عمقه في الواجب الأخلاقي، لذلك مزج "أفلاطون" نظريته السياسية بالأخلاق، وجعل "أرسطو" مبحث الأخلاق؛ جزءاً من مبحث السياسة.

 كل ما يتصل بالإنسان فكراً وسلوكاً له حمولة أخلاقية، لذلك يتداول كثيرا شعار "لا سياسة بدون أخلاق"، لكن على أرض الواقع، ثمة من لا  يقيم وزنا؛ لأي علاقة بين العمل السياسي والالتزام الأخلاقي.

نحن اليوم إزاء عمل سياسي؛ لا يلتزم بالمعايير الأخلاقية، فالأولوية لدى بعض المنخرطين بالعمل السياسي؛ للمصلحة الشخصية والحزبية الضيقة، ونصطدم بفاعل سياسي يتجرد من الاعتبارات الأخلاقية، إذ يبيح لنفسه استخدام ما يشاء من وسائل، لتحقيق أهدافه السياسية، حتى لو داس بأقدامه على القيم والمثل الموجهة للسلوك السياسي!

لقد أصبحنا في العراق نعيش أبشع تجليات "الميكافيلية"، حيث لم يسبق للسياسة أن ابتعدت عن الأخلاق؛ بالدرجة التي عليها الآن، وتنامى الميل نحو التحلل من الضوابط الأخلاقية، بإباحة "كل" الطرق والوسائل، لتحقيق الأهداف السياسية والمصالح الذاتية.

على الرغم من أن كثير من عناصر الفعل السياسي، ما يزالون يتمتعون بقدر من الأخلاق في عملهم السياسي، لكن بعض ما يجري حالياً في المشهد السياسي، يمثل صورة من صور إنحطاط الفعل السياسي، وصل إلى أدنى درجات الانحدار والابتذال.

لا يمثل كثير مما يقع الآن؛ من عمل سياسي تنافسا سياسيا، بالمفهوم المشروع للتنافس السياسي، فهو عبارة عن صراعات هامشية، الهدف منها تدمير الخصم بكل الطرق المتاحة؛ حتى تلك التي لا تنطوي على أي قيمة أخلاقية، فمن المؤكد ان الكذب والتدليس والتهويل، والنبش بالسير الشخصية والأعراض، وسائل فعل لا تمت الى التنافس السياسي الشريف بصلة.

الوسائل التسقيطية وبوجود الجيوش الأليكترونية، وسهولة إستخدام وعدم وجود قيود أخلاقية؛ على سائل التواصل الأجتماعي، تتحول الى بقعة زيت سُكب عليها الماء؛ فاشتدت لهيباً وانتشاراً.

 في الوقت الذي تزداد فيه أجواء الاحتقان الاجتماعي؛ تتعمق الجراح عندما يسقط بعض الفاعلين السياسيين، في مستنقع الصراعات الهامشية والشخصية، ما يدل على أن ذلك السياسي، لم يتطور في سقف تفكيره السياسي، فما يقع حالياً من إضطراب سياسي، يمثل تسخيفا للحياة السياسية بمختلف مظاهرها، وتمييعا للنشاط الوطني وتحويله الى ردح، يشبه ردح نساء الحارات العتيقة.

إنه العبث الذي قد يؤدي إلى هدم الثقة؛ في دور العمل السياسي.، وتجريده من قيمته الأنسانية، والمقلق أكثر؛ هو أن منظومة الأخلاق الضابطة للعمل السياسي، بدأت تتعرض للانهيار، وذلك بانهيار الركن الأخلاقي في السلوك السياسي.

إزاء هذا النوع من الممارسات، وإزاء هذه الطينة من الفاعلين السياسيين، من السهل جداً اغتيال الفعل السياسي، وتعطيل الزمن السياسي، وتجريد العمل السياسي؛ من أي محتوى فكري أو ايديولوجي.

من المؤسف أن بيننا من يعمل وبقوة، على تجريد وسائل السياسة من معاييرها الأخلاقية، لأنه يعتقد أن الحاجة الى الاخلاق في ميدان السياسة، لم تعد تواكب الزمن السياسي الحالي.

لقد أصبح لزاما على المنخرطين بالحقل السياسي، استحضار البعد الأخلاقي؛ كمجال يستهدف سلوك الفرد والسياسة، فتأطير السياسة بالأخلاق أمر ضروري، نظراً لكون السياسة في أصلها، فكرة أخلاقية قوامها مبدأ المصلحة العامة.

كلام قبل السلام: العمل السياسي يمثل قيمة أخلاقية بحد ذاته، وممارسة الفعل السياسي لا يمكن أن تخرج عن دائرة الأخلاق التي تحكم ذلك المجتمع، وإن حدث العكس فسنكون قد أعلنا عن موت الفعل السياسي.

سلام..

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك