قاسم العجرش qasim_200@yahoo.com
ما نزال في أيام سقوط نظام صدام قبل ستة عشر عاما، وما نزال في ذكرى إستشهاد المفكر الكبير الفقيه العالم السيد محمد باقر الصدر، وفي هذا الصدد نستذكر أن الشهيد الصدر كان يفكر في تأسيس دولة إسلامية.
يعتبر الشهيد الصدر، في كتابه (الإسلام يقود الحياة) أن “الدولة ظاهرة نبوية، وهي تصعيد للعمل النبوي، بدأت في مرحلة معينة من حياة البشرية، وبذلك، يؤسس لاعتبار الدولة، وبالتالي الانشغال السياسي في بنائها وحركتها، جزءا لا يتجزأ من الممارسة الإيمانية، بل ضرورة تفترضها النبوة في مرحلة تفعيلها على أرض الواقع.
في موضع آخر يقول الشهيد الصدر: "ظهرت فكرة الدولة على يد الأنبياء، وقام الأنبياء بدورهم في بناء الدولة السليمة، ووضع الله تعالى للدولة أسسها وقواعدها" كما لاحظنا ذلك في الآية الكريمة: {كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الْكتاب بالْحق ليحْكم بيْن الناس فيما اخْتلفواْ فيه}.
ظل الأنبياء يواصلون بشكل وآخر دورهم العظيم في بناء الدولة الصالحة، وقد تولى عدد كبير منهم الإشراف المباشر على الدولة، كداود وسليمان وغيرهما، وقضى بعض الأنبياء حياته وهو يسعى في هذا السبيل، كما في حالة موسى(ع)، واستطاع خاتم الأنبياء(ص) أن يتوج جهود سلفه الطاهر، بإقامة أنظف وأطهر دولة في التأريخ، شكلت بحق منعطفا عظيما في تأريخ الإنسان، وجسدت مبادئ الدولة الصالحة تجسيدا كاملا ورائعا.
نخلص مما ذكره السيد الشهيد؛ إلى أن الواضع لأسس الدولة وقواعدها هو الخالق جل في علاه، وهذا يقودنا إلى ضرورة اشتمال الفقه الإسلامي على فقه الدولة، وذلك في القواعد العامة، التي يمكن أن تحكم حركة التشريع التفصيلي.
وعلى هذا، يصبح انشغال الفقيه بالفقه السياسي، أمرا مرتبطا بمجال طبيعي من مجالات الفكر، وليس مسألة هامشية، قياسا بالمواضيع التي درج عليها الفقهاء، والتي ترتبط بالجانب العبادي والمعاملي، في عالم التجارات والأحوال الشخصية بشكل خاص.
إن مسألة الدولة أو الولاية؛ من الأمور التي لا يرضى الشارع المقدس باختلالها أو ضياعها؛ لأن ذلك لا ينسجم مع كونه تعالى هو الواضع لأسس الدولة؛ الأمر الذي يقتضي أن يبين قواعدها في شكل مباشر.
يؤسس الشهيد الصدرأصل سيادة الشريعة للدولة، في دستورها وقوانينها، ويعتبر حينئذ أمرا مفروغا منه، وليس مثار بحث أو جدل، ولا معنى لفرضية انفصال الدين، بمعناه التشريعي والقانوني عن السياسة.
النبوة هي التي تقود التنظير والتأسيس للدولة، وقد يتيسر لها الحكم المباشر، وقد لا يتيسر ذلك، لكن مسألة عدم ممارسة الأنبياء أو من يمثلهم للحكم، مسألة مرتبطة بالظروف الموضوعية، التي تمنع من واقعية الحكم، أما حين تتوافر الظروف، فعليهم هم مسؤولية قيادة الدولة والمجتمع.
يبدو بديهيا أن تكون إقامة الدولة الإسلامية من الواجبات التي تقع على المكلفين، وكذلك يقع على عاتقهم التصدي للحكومات أو الأنظمة غير الإسلامية، والعمل على إسقاط الحاكم الذي يرأس الدولة الإسلامية نفسها، في حالة انحرافه وتنكره للإسلام وتعاليمه وإصراره على ذلك.
كلام قبل السلام؟! لا معنى للحديث عن دولة بمواصفات ليست إسلامية في بلد إسلامي، ويبدو في الأمر تنكرا متعمدا، لقوافل الشهداء الذين ضحوا بأنفسهم لإزالة نظام الطاغية صدام، ونستذكر في هذا المقام أن الشهيد الصدر؛ كان طليعة الشهادة من أجل دولة إسلامية..!
سلام..
https://telegram.me/buratha