المقالات

على طريق تحقيق هدف تفتيت العراق..!


طيب العراقي

 

لاشك أن الذي جرى للعراق عام 2003، والذي تم التحضير له منذ عام 1979، أي منذ العام الذي تسلم فيه الطاغية صدام مقاليد البلاد، كان أكبر هزة الجسم السياسي للدولة العراقية منذ تأسيسها قبل سبعة آلاف سنة، لأن الهدف النهائي لهذا العمل المنظم والدقيق؛ كان إنهاء وجود العراق، وإمحاء تأثيره الحضاري والإنساني من خارطة الوجود، إذ توصل أصحاب هدف بناء واقع في المنطقة، يخدم الإستراتيجيات الصهيو أمريكية، ما لم يتم "التخلص" من العراق كدولة وشعب ووجود!

لقد توصل أصحاب هذا الهدف الإستراتيجي الكبير الى هذا التصور، وعملوا بثبات على تحقيقه، غير عابئين بما سيحدث خلال مسيرتهم نحو هدفهم، لكنهم كانوا يعرفون جيدا؛ أن تحقيق هذا الهدف الكبير لديهم، لن يتحقق بمواجهة العراق وشعبه بشكل مباشر، لذلك عمدوا الى تكتيكات التجزئة الى مراحل، بمرحلة الهدف الكبير ذاته، ثم بمرحلة الخطط والوسائل والأدوات، مع بقاء الغاية ثابتة في الجزء البعيد من الصورة.  

ليس ثمة ضرورة لإستعادة الحديث؛ عما جرى للعراق منذ 1979 لغاية 2003، لأن الموضوع برمته بات واضحا حتى لمحدودي التفكير، لكن مخطط إنهاك العراق توطئة لتفتيته، كان يجري تنفيذه بوتائر متصاعدة، منذ أن سقط نظام صدام، وحقق المشروع  الإنهاكي التفكيكي، كثير من أهدافه على الأرض.

فالدولة العراقية التي بنيت بُعيد 2003، أصيبت بحالة إنهاك واستنزاف متفاقمين، على يد منشئيها أنفسهم، سواء لأن منهم شركاء محترفين في مخطط التفتيت، أو أولئك الذين وقعوا في فخ المخطط الرهيب، والنتيجة أن طبقة الساسة تعيد اجترار نفسها، ضمن وجوه مكررة أصبحت عبئاً على النظام الجديد، أكثر من كونهم سنداً له.

والحقيقة أن هذه الطبقة المكررة، ما كانت لتكون عبئاً، لولا أنها أوجدت فهماً مجدباً لمفهوم السلطة، يتمثل بأن السلطة مرعى خصب ترتع فيه، ويدل على هذا التصوّر، كم البعر الهائل، الذي تتركه الأباعر الراتعة في مرعى السلطة خلفها، على شكل ملفات فساد تزكم روائحها الأنوف!

الواقع أن هذه الطبقة عملت بقوة؛ على عزل النظام القائم عن قاعدته الشعبية للإستفراد بالمغانم، وتحدوها في هذه القضية؛ عقلية عقيدة التغالب التي تتعبد بها.

بواقع الممارسة، كان همها الأول المرعى ولو تركته جدباً، وكان هدفها الأول في عملية العزل، القواعد المتعلمة والمثقفة والناشطة سياسياً، لأنها تعرف أن هذه القواعد ستنتج منافسين حقيقيين شرفاءً لها، وأن هؤلاء المنافسين قادرين على إزاحتهم، لما يمتلكونه من مؤهلات..!

الحقيقة أن الشعب يريد أن نتجاوز دولة الأزمات، الى دولة المؤسسات، بكل ما يحمل هذا التوصيف من مهنية وأبعاد، ونحن أمام محطة فارقة، تحتاج منا التوقف وإمعان النظر، في واقع وشكل الدولة الحديثة القديمة، وفق المعطيات الجديدة، والنظر مليا فى مآلاتها ومستقبلها، لا مجرد لافتات وواجهات، تكثر الكلام والطحين وطبخ الحصى!

على الرغم من أننا  نرغب بالخروج؛ من عنت المكابدة والمعاناة، التي لم تكن حصرية على طرف دون آخر، وعلى الرغم من بذلنا كثيراً من الجهد؛ للتخلص من أنشوطة مأزقنا المتفاقم، لكننا حققنا بعض النجاحات والانفراجات هنا وهناك، وأكملنا استحقاقات، لا يسعنا إلا أن نقر بأنها كبيرة، وأننا أستطعنا التغلب على مشكلات عديدة، لكن تغلبنا كان على طريقة كحال قليل الخبرة: أراد أن يكحل عينا فأصابها بالعمى.!

نستطيع القول: إن الطبقة السياسية، وخلال المدة المنصرمة التي تلت زوال نظام صدام، كانت تتعاطى مع مجموعة أزمات، بعضها سبقت مجيئها الى السلطة، وبعضها كان نتاج قدومها، كردات فعل طبيعية من أضدادها الطبيعيين، وبعضها الآخر كانت قد صنعته هي بيدها؛ بكل فخر واعتزاز!

 “الأثر يدل على المسير، والبعرة تدل على البعير”

................

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك