قاسم العجرش qasim_200@yahoo.com
بعد غد؛ أي في التاسع من نيسان، نكون قد دخلنا في العام السابع عشر، من أعوام صفحة جديدة في حياة العراقيين، الممتدة من فجر الخليقة؛ الى حيث يأذن الله تعالى بقيام الساعة..
فضيلة الأعوام الستة عشر المنصرمة؛ أنها كانت بلا كابوس صدام ونظامه، الذي أزاحته دماء الشهداء الأبرار، وفي مقدمتهم المفكر العظيم السيد محمد باقر الصدر، وشقيقته العلوية بنت الهدى..
لكن الحصيلة أن سنوات ما بعد صدام، لم تبن نظاما للحكم يفي دمائنا حقها، وكل ما استطعنا تشييده من عمران الدولة الجديدة، لا يعدو إلا أن يكون سلطة حاكمة وليس نظام حكم، والفرق كبير جدا بين السلطة والنظام!
لقد بنينا "سلطة" قائمة على قاعدة؛ أن يكون لجميع الذين يطمحون بالحكم، موطيء قدم في بناءات الدولة وتفاصيلها، لكننا وبعد هذه الستة عشر عاما؛ أصبحنا على يقين أن هذا الأسلوب في بناء الدولة، والقائم بشكل واضح، على الصفقات السياسية لا يمكن أن يبني دولة.
لكننا ويا لخيبتنا؛ أحتجنا للوصول إلى هذا اليقين؛ أن نعبر أنهارا من الدماء، ومفازات من الآلام والخيبات، وبسبب تلك الصفقات؛ بنينا جبالا من المشكلات والهموم المضافة، باتت هي اليوم واقع معقد، في وطننا المعقد بتعقيد تكوينه.
خلال هذه السنوات الستة عشر؛ ونتيجة لأشتراطات الصفقات السياسية، وبدفع من جهات خارجية، وبتنفيذ لاعبين محليين، معظمهم من بقايا النظام السابق، أو الذين رضعوا من أثداءه، وعاشوا في أفياءه، فتثقفوا بثقافته الإزدرائية الإقصائية الشمولية، جرى بشكل حثيث؛ العمل على إزاحة القوى التي قارعت نظام صدام، وأوصلتنا الى عرق بدون هذا النظام الدموي.
لقد نجحت بالحقيقة عملية الإزاحة نجاحا كبيرا، وكانت الخطة "ألف"؛ تتمثل بمشروع "الإزاحة الجيلية"، حيث أستطاع أصحاب هذا المشروع، النفاذ الى قلب القوى التي قارعت نظام صدام، وكان الهدف إستبدال الجيل الذي قارع نظام صدام، بجيل مدجن بالصدامية محملا بأفكارها!
من لم تنفع معه خطة "الإزاحة الجيلية"؛ من القوى التي أشرنا اليها، مورست معهم الخطة باء، والمتمثلة بإفسادهم وإغراقهم بالشبهات وملذات الدنيا، ليسقطوا بالنهاية في عيون جماهيرهم، ويتحولون الى أسم فقد ظلاله، كما حصل مع حزب الدعوة الإسلامية، أعرق تنظيم سياسي إسلامي عراقي نشأ وتأسس، في أجواء العقيدة الثورية؛ التي أطلقها الشهيد محمد باقر الصدر"رض".
من لم تنفع معهم الخطتين ألف وباء، تم إغراقهم بالخطة "جيم" اي بالمناورات السياسية، فبدلا من أن يكون اللعب نظيفا، كما هو في لعبة كرة القدم، صارت لعبتنا السياسية؛ نموذجا من الألعاب الخشنة أو القذرة، وبدل العودة إلى الحياة الطبيعية، وتضميد جراحات الماضي، نشهد وبشكل مستمر مناورات سياسية، تقوم بها هذه الكتلة السياسية أو تلك، مرة يثيرون الغبار هنا، ومرة يختلقون زوبعة هناك، وثالثة يصطنعون عاصفة بإتجاه معاكس للريح السائدة، وهكذا يضيع علينا هدف بناء دولة!
على الأرض ثمة قوى سياسية؛ كانت قد قارعت النظام السابق، ولديها تصور شبه متكامل عن الدولة التي يجب بناؤها، وهؤلاء لم يقارعوا ذلك النظام؛ من أجل الحرية أو الديمقراطية فقط، وإنما قاتلوه من أجل نموذج في الحكم.
كلام قبل السلام: جميع الخطط الثلاث الآنفة؛ كانت أمريكية التخطيط والمحتوى والأدوات والتنفيذ..!
سلام..
https://telegram.me/buratha