ميثم العطواني
لم يكن السيد الشهيد محمد باقر الصدر مرجع ديني تقليدي فحسب، بل كان رضوان الله تعالى عليه قائد أمة، وينبوع علم، وأمل القواعد الشعبية المظلومة، هز عروش الظالمين وهم في قمة طغيانهم، لم تأخذه في الله لومة لائم، ولم يهادن من اجل الدنيا طرفة عين، ولم يمتثل لقاعدة التقية، حتى اخذ يخطط للشهادة، وبخطوة لن يجرء ان يخطوها غيره أنذاك، قال الصدر: "لو كان اصبعي بعثيا لقطعته"، قالها عندما كان البعث في عنفوانه وقوته وجبروته وتسلطه، عندما كان يملئ السجون السرية بالمعتقلين لمجرد الشك بهم، ومن ثم يقوم بقتلهم دون اي جرم او قضية قانونية.
الصدر الأنسان، قبل ان يكون عملاق الفكر الإسلامي والإقتصادي، قتل بدم بارد دون اي تدخل دولي أو حتى شجب أو استنكار لتلك الجريمة الكبرى، قتل ومؤلفاته حينها تدرس في جامعات أمريكا والدول الأوروبية، وهذه الدول هي من تدعي انها الراعي الأول لحقوق الأنسان!!، لا بل الحقيقة تؤكد على ان صدام اقدم على جريمته بدافع من أمريكا وإسرائيل، لإن فكره كان يمثل مصدر تهديد لهم قبل ان يكون مصدر تهديد مباشر للبعث والبعثيين، قتل على يد أرجس واقذر وأوحش طاغية في التاريخ الحديث، وبسبب ظلم معظم علماء حوزة النجف في زمنه، وتراخي الامة عن نصرته، وبهذا فاز الصدر حين فارق الحياة شهيدا، ونال أعلى درجة من درجات الشهادة التي يتمناها كل مؤمن، وهي شهادة ذوبان العاشق في حب الله سبحانه وتعالى، والتضحية بروحه الطاهرة من أجل حرية الشعب وإقامة حكومة عدل تنصف العراق والعراقيين .
عندما نتكلم عن أبا جعفر رضوان الله تعالى عليه، نتكلم عن فكر وعقيدة ومبدأ وتضحية، لا نتكلم عن شعارات اتخذها الكثير لتحقيق مآرب خاصة والوصول الى غاية محددة، وهذا ما يرفضه منهجه العظيم، وفكره النير، ومبادئه الخالدة، وحقيقة الأمر ان الصدر لا يريد الى من يسير على خطاه إلا التنزه عن حب الدنيا وكسب رضا الله سبحانه وتعالى .
إنه الحق في زمن الباطل، رفض جميع مغريات الدنيا، حتى وصل الحال ان يعرض عليه نظام البعث عروض لم يمنى بها غيره، إلا ان هذا الرجل الفريد بمواقفه، رفض كل ما يتمثل بحب الدنيا، واشترى الشهادة التي كان ثمنها اقسى أنواع التعذيب الجسدي، والحرب النفسية، حتى فاضت روحه الطاهرة الى بارئها ليلتحق بركب جده الإمام الحسين عليه السلام .
https://telegram.me/buratha