قاسم العجرش qasim_200@yahoo.com
ركزنا في عدة مقالات على موضوع الإصلاح، الذي يعد موضوع الساعة؛ لأنه بات حاجة ملحة وقضية مستعجلة، يجب أن يقاربها العراقيين بلا إبطاء، وإلا فإنهم سيبوءون بخسران مبين، إن على صعيد خسارة الزمن، أو على صعيد الخسائر المادية .
على طريق الإصلاح؛ وكي نكون منطقيين، ونصل إلى حلول لمشكلاتنا؛ التى بدت مستعصية في باب مكونات مجتمعنا، يتعين أن نعترف أولاً بوجود تلك المشكلات، ثم أن نقر بأنها عميقة متجذرة، وأنها بالتالي ليست طارئة.
بعد عمليتي الإعتراف والإقرار هاتين، وإذا كنا راغبين رغبة مخلصة للتوصل الى حلول، يفترض بنا نقوم بتحديد الفروق والأسباب؛ التي أدت الى أن يتكون لكل من تلك المكونات؛ رأيها ونسيجها المستقل الذي تتمسك به ولا تحيد عنه.
الإختلافات من طبيعة البشر؛ ومن صميم العلاقات الإنسانية، لكن "خلافاً" جوهرياً بين الديانات والمذاهب والطوائف، فكلها تتحدث عن الله الواحد، والخير والشر، بل إن التعاليم الدينية والمذهبية؛ لا تختلف كثيراً عن الفلسفات الوضعية، إبتداءا من شرعة حمورابي، إلى ما تكلم به زرادشت وبوذا، من حيث تنظيم المجتمعات والعلاقات.
المخاطر على الإنسانية لا يمكن أن نجدها؛ في ثنايا الديانات السماوية أو في الفلسفات الوضعية، لأنه لا وجود لها في الأصل، وإنما تطوع أتباع الديانات؛ وفي فترات متأخرة عن التأسيس الأول لكل دين، بإضافتها لتصبح صفة ملازمة لهذا المذهب أو تلك الطائفة، ومثلما تعلمون فإن المذاهب الإسلامية الأربع، تأسست وتشكلت بعد عصر الرسالة بثلاثة قرون، فيمت تأسس المذهب او الدين الوهابي قبل قرنين من الزمان تقريبا.
النتيجة أننا كمسلمين على الأقل، تحولنا الى "آخر" و:آخِر"؛ وكل"آخر" نفي "الآخر" وتخطئته ورفضه رفضاً مطلقاً، فما بللك بـ"الآخر" الذي هو ليس من نوعك؟! والمفارقة في واقعنا الإسلامي، فأنك إن حاورت أحد ممثلي (الآخر) المسلم، سينفي أعتناق الرفض والتخطئة، وجميعنا تقريبا نتحدث عن التسامح ؛وتلك هي الخطورة!
التسامح مفردة خطيرة لمن يفهم مغزاها ومعناها، وهي أيضا مفردة مخطوءة تؤسس للتفرقة! ومعناها أن (الآخر) على خطأ وأنك تسامحه على خطأه وخطيئته! ولعل الجواب المنطقي يأتي من تساؤلات مؤداها: ما معنى أن تعقد المؤتمرات والندوات، ضمن الجانب (الواحد) دون الجوانب (الأخرى)؟ وما معنى أن يفسر أحدهم النصوص الأصلية، ليظهر من خلال تفسيره أن من ينتمي إليه على جادة الصواب، وغيره في الضلال؟ وما معنى أن نلصق التهم بالآخر، ونهدده بالنار التي أعدها الله للكفار؟
عند هذه النقطة بالذات؛ سيفقد الحوار ضرورته، وسيبدو وكأن لا قيمة له، بعد أن يتمترس كل واحد في خندقه لا يبرحه، ولا يقبل أن يشاركه الفضل أحد.
كلام قبل السلام: بعد أن غدونا "آخر" و"آخر"، وبعد أن توصلنا الى حقيقة أننا بتنا هكذا مجاميع من الـ"آخرين"، يتعين أن نتفهم حقيقة أنه لم يكن لأي صراع؛ أن يستشري بيننا لولا وجود المستفيدين، وكي يضمن هؤلاء المستفيدين استمراريتهم، قسمونا كغنائم بينهم وفق هذا المنظور، فأوجدوا أجيالاً ورتباً من المستفيدين، الذين يحرصون على استمرار هذا النهج، نهج ان نبقى "آخر" و"آخر"..!
سلام..
https://telegram.me/buratha