حيدر السراي
اقامة الحكم الاسلامي وتطبيق شريعة الله سبحانه وتعالى على كل الارض هو الهدف الاوحد الذي كلف به الانبياء والرسل والاوصياء عليهم السلام ، وهدف كهذا لا يمكن ان يتحقق دفعة واحدة فالعقل البشري لا يمكن ان يصل الى مرحلة الكمال والنضوج الا بعد ان يختبر التجارب على مر التاريخ ونقصد هنا العقل البشري الجمعي عقل الامم والشعوب بصورة عامة.
من هنا فالحديث عندما يدور عن مشاريع علي عليه السلام او الحسن او الحسين او الباقر او المهدي ، يجب ان يكون مستحضرا للهدف الاساسي من كل هذه المشاريع وهو هدف واحد لا غير.
ولأن الامم والشعوب لا تنضج خلال سنة او سنتين ولا خلال قرن او قرنين ، فالقضية اذن قضية تاريخ يمتد من ولادة ادم عليه السلام ويختتم اخر فصوله مع ظهور المولى ارواحنا لتراب مقدمه الفدا
فكل مشروع او مخطط تم تنفيذه منذ عهد ادم الى عهد الامام العسكري عليه السلام هو احد اجزاء مخطط اقامة دولة العدل الالهي بلا شك ولا ريب ، ولنتحدث في هذه الاسطر عن دور علي عليه السلام ضمن هذا المخطط التاريخي ، فامير المؤمنين وبنص رسول الله صلى الله عليه واله سيقاتل على التأويل كما قاتل هو على التنزيل
ومن هنا نفهم بأن لعلي مهمة شديدة الحساسية بعد رسول الله صلى الله عليه واله ، وهي مهمة ضرورية للتمهيد لاقامة دولة العدل الالهي ، وبقليل من التفحص نجد ان عليا عليا السلام قد نجح نجاحا باهرا في هذه المهمة.
بعد استشهاد رسول الله صلى الله عليه واله أسست قريش خلافتها المزعومة على اساس ان الائمة او الخلفاء من قريش ، واستطاعت ان تجعل مقام الخلفاء كمقام النبي من ناحية التشريع فالنبي كان مشرعا بإذن الله ، وارادت قريش الانقلابية ان يكون ابا بكر وعمر مشرعين ايضا ، وكان هذا خطرا كبيرا جدا يهدد الوجود الاسلامي خصوصا مع عدم وجود المعارضة لهذا الامر
وكان علي عليه السلام اول من سدد الضربة القاضية لهذا النظام في موقفه بعد مقتل عمر ، فعندما كانت الخلافة اليه قاب قوسين او ادنى رفض الشرط الذي اشترطه ابن عوف للخلافة وهو العمل بكتاب الله وسنة نبيه وسيرة الشيخين ، نعم رفض علي عليه السلام العمل بسيرة الشيخين ، ورفض المجتمعون خلافته ، لكنه حقق ما كان يهدف اليه ، فهو استطاع بهذا الموقف ان يفصل بين الشريعة والنظام الحاكم وبتعبيرنا المعاصر (الفصل ما بين السلطة التشريعية والتنفيذية)
وبعد ذلك اليوم لم يعد المجتمع الاسلامي ينظر للخليفة على انه المشرع المقدس وتحولت الخلافة منذ ذلك اليوم الى صورة من صور الحكم السياسي فقط
وبعد استلامه الخلافة استطاع امير المؤمنين عليه السلام ان يجعل سيرة الشيخين مذهبا من المذاهب وليس مقدسا وتشريعا كالقران عندما تحدث علانية عن صلاة التراويح وبقية مخالفات الشيخين
تخيلوا لو ان عليا عليه السلام لم يقم بهذا الدور ، لكنا اليوم نرى كل حاكم ظالم مجرم ، هو حاكم ومشرع بامر الله سبحانه وتعالى ، ولكنا نحكم على ابي بكر البغدادي بأنه امام هدى تحرم مخالفته ؟!!
ان مخطط الدمج بين السلطة التنفيذية والتشريعية الذي نفذته قريش واطاح به علي عليه السلام هو مقطع لم يسلط عليه الضوء كثيرا وانجاز عظيم من انجازات الامامة الهادية المعصومة ، وهو بحاجة الى اعادة بحث ودراسة مستفيضة من قبل الباحثين ، والله متم نوره ولو كره الكافرون
https://telegram.me/buratha