المقالات

وهكذا يقتل باقر الصدر من جديد ...

4964 2019-03-30

باقر الجبوري

 

في كل عام تمرُ علينا ذكرى استشهاد السيد الشهيد وفيلسوف القرن محمد باقر الصدر ( قدس سره ) ليستعد الجميع كما في العام الذي سبقة لفتح صندوق الذكريات ليُخرجوا منه بعض الحاجيات التي خبئوها لذلك اليوم ..

فيبحثون في الصندوق عن مجموعة من كتب للسيد .

وعن تسجيل كامل لقصيدة شعبية وشاعر مغمور يتكلم فيها عن حياة الشهيد ليكفر بها عن قصائده التي القاها للقائد الضرورة في زمن البعث ليمجد فيها بطولاته .

وسيبحثون في الصندوق عن احدى التسجيلات الصوتية القديمة للشهيد السعيد يذكرنا فيه بالوحدة الاسلامية واننا شركاء في هذا الوطن (( كي نستميل به قلوب الحاضرين من الطوائف الاخرى )) أثناء الإحتفال والذي يقد يكون من بين الحاضرين اليه مجموعة الجلادين التي كانت تتشفى بجراح السيد الشهيد اثناء حبسه او اعتقاله او من المتباركين للنظام على إعدامه .

ثم يبحثون في هذا الصندوق عن شاعر نائم القى قصيدة قبل عشرات السنين قال فيها (( باقر الصدر منا سلاما )) عله قد زاد على قصيدته التي تنام معه في نفس الصندوق ابياتا اخرى قد تتلائم مع التطور الحاصل في العراق بعد سنوات من الحكم الاسلامي الشيعي الذي كان يتطلع اليه الشهيد .

ثم سيبحثون عن مجموعة الصور والبوسترات لنزين بها الاحتفالية التي سنقيها على شرف الشهيد فهي ما زالت على حالها في الصندوق منذ العام الماضي والذي سبقه والذي سبقه كما هو حال بقيت الحوائج التي ذكرناها ...

وقد يجدون في هذا الصندوق تمثالا نصفيا للشهيد صنع بالاف الدولارات لنضعه قرب منصة الخطابة لأشعار الحاضرين بوجود الشهيد وحضوره للمناسبة فقد قيل ان الميت يعرف كل من يذكره بخير وقد يكون بينهم كروح مجردة .

لمعلوماتكم ... فهذا الصندوق لايفتح الا مرة واحدة كل عام لاخراج هذه الحاجيات ليقام بها احتفالية كبيرة تليق بذكرى الشهيد الصدر ونختمها بوليمة لايدعى اليها (( إلا من كان ذو حظ عظيم ))

وللفقراء ان يقفوا بعيدا عن تلك الوليمة (( حيث لاعين رأت ولا أذن سمعت )) حتى لاينزعج المدعوون من رؤية الفقراء او محبي الشهيد الحقيقين

ولن يمون طبعا لهؤلاء الفقراء إلا ما رحم ربي عن قليل من روائح الطعام التي قد يقذفها الهواء بعيدا حيث ألفقراء ...

لا تبالوا بذلك ... فسنحاسب الهواء على جريمته

أعلم ان المقال لن يرضي احدا ...

إلا انها الحقيقة ..

سنوات طويلة مرت (( 16 عاما )) وفي كل سنة ليس لنا من ذكريات الصدر غير هذا الصندوق

وليس لنا من انجازات سوى فتح هذا الصندوق

ونسينا الصدر وما قدم من كنوز أثرت المكتبات العالمية وسارت عليها الامم التي تريد الوصول الى شاطيء الامل والتحضر .

فأين انتم من الصدر

الصدر ليس مجرد احتفال نقيمه كل عام لنستذكر فيه تقواه وورعه والصدر لم يقدم حياته لاجل ان يكون قصيدة مرثية لشاعر . والشهيد الصدر لم يكن يبغي ان يكون فكره حبيسا بين حيطان مسجد بني على قبره يحكي للاخرين حكاية معمم قتله الجلادون وغيبوه لسنوات ثم عاد للضهور محمولا على الاكتاف في صورة قديمة

السيد الصدر ... كان فكرا ثوريا قبل أن يكون ثورة فلسفية أو اقتصادية او مجتمعية كما كان في كل كتاباته التي حيرت عقول العلماء (( فلسفتنا . اقتصادنا . الاسس المنطقية الخ ))

وللاسف فثورية السيد غيبت لمرتين .

الاولى في زمن الطاغية بإعدامه

والثانية كانت ما بعد سقوط ذلك الصنم في نسيانه المتعمد

واعتقد ... ان الاغلب يشاركني القول ان التغيب الثاني للفكر الثوري الذي كان يحمله السيد الشهيد كان الأعظم على قلب السيد الشهيد

اليوم مظلومية الشهيد الصدر في حبس فكره بين جدران جامع أو أطار صورة أو كتاب في مكتبة تحوي الاف الكتب لمختلف العلوم هو الجريمة الكبرى التي تعرض لها السيد

سنوات مرت ومرت ومرت ...

ثورية السيد الشهيد وليس علومه الفقاهية هي التي دعت مرجعا كبيرا كآية الله العظمى السيد الخوئي ( قدس سره ) للقول عنه (( ما عندنا عند محمد وما عند محمد ليس عندنا ))

ثورية السيد باقر الصدر هي التي دعت مرجع الامة السيد المحسن الحكيم ( قدس سره ) لاحتضانه كأحد ابنائه ...

ثورية السيد الشهيد هي التي دعت اية الله العظمى السيد الخميني ( قدس سره ) ليعتبره نؤسس الثورة والحركة الاسلامية في العراق ...

ثورية السيد الشهيد رضوان الله تعالى عليه هي التي دعت اعدائه الى مطاردته واعتقاله لاكثر من مرة مع محاولات بين التوهين والترغيب والترهيب بئت كلها بالفشل لتنتهي باالإعتقال ما قبل الاخير والذي كان المحفز للإعلان عن زينب العصر ( امنة الصدر ) التي خطبت في حضرة أمير المؤمنين تأسيا بجدتها زينب عليها السلام ولتعلن ان الخط واحد وأن الثورة واحدة مما ظعى النظام لاعدامها فيما بعد حتى لايتكرر الموقف الموقف الزينبي هذا

وما تغافل عنه الجميع ماهي هذا الموقف الذي لم يكن وليد نزعة أو فطرة عاطفة الاخت على أخيها

انها الثورية التي غرسها السيد في كل النقربين منه واولهم اخته الشهيد ومن ثم طلبته المقربين أمثال السيد الشهيد محمد باقر الحكيم والسيد عبد العزيز الحكيم ( رحمهما الله )

والذان كانا في الحقيقة يمثلان الخط الاوحد في السير على المنهج الثوري الذي رسمه السيد الصدر

فأين نحن من هذا كله ...

في كثير من بلدان العالم كأيران مثلا يدرس فكر السيد الصدر كمنهج في بعض الجامعات والاخذ ببعض رؤاه في صياغة دستور الجمهورية الاسلامية وتقام شهريا الندوات والمحاضرات والمعارض التي تدعوا الى دراسة شخصية السيد ومنهجه العلمي في بناء الدولة والذي لانعرف منه نحن الا سوادا على بياض مع اننا الاقرب اليه

ولو بحثنا في كل جامعاتنا ومعاهدنا حتى الاسلامية منها والشيعية بالاخص فلن نجد في أي منها منهجا دراسيا يشمل كتابا أو بحثا للسيد مع ان كتابه ( فلسفتتا ) و ( اقتصادنا ) و( البنك اللا ربوي ) صارا منهاجا وعنوانا دراسيا لايستغنى عنه في كثير من جامعات الغرب للتعريف بالفلسفة والاقتصاد والثقافة الإسلامية

فأين نحن من ذلك كله ...

الغرب ينهض بأفكار الشهيد باقر الصدر في الاقتصاد

ونحن نعود نعود ونعود الى الوراء نتيجة التزامنا بفلسفات الغرب التي لاتسمن ولاتغني من جوع وخير دليل هو ما وصلنا اليه اليوم ...

الحقيقة أن أساس الدمار الذي نمر به اليوم هو نتيجة تركنا لأرث السيد الشهيد باقر الصدر ورمي كل ما اتى به في ذلك الصندوق الذي لايفتح الا في المناسبات .

لقد نسينا كل شيء عن الشهيد الصدر حياته ومظلوميته وتركناها خلفنا وبل عودة

نعم فالملك .. عقيم

وكما كان البعض متمسكا في ايام الفتنة بقميص عثمان !!! فبعضنا اتخذ من الشهيد الصدر قميصا ليمرر بواسطته مظلوميته للعالم حتى إذا ما وصل الى مراده خبئه ( القميص ) في ذلك الصندوق المنسي من جديد مع ذكريات القحط والعوز في أوربا والوقوف بالطابور لاستلام المساعدات ..

وحتى لاينسب لذلك القميص الفضل في هذا التحول الجديد وللاسف فتلك هي الحقيقة ...

واعتقد جازما انالسيد الشهيد باقر الصدر كان عالما ومدركا لهذا الامر حتى قبل أستشهاده وبسنوات طويلة حينما قال لمجموعة من طلابه (( من منا مَلك مُلك هارون ولم يقتل موسى بن جعفر ))

كانت الرسالة جازمة ...

فالإنتماء للحوزة أو الثورة ضد الطواغيت لم يكن إلا الأختبار الأسهل في مسيرة الجهاد لطلاب العلم أو طلاب التغيير وان الاختبار الحقيقي هو النجاح فيما بعد ذلك بالثورة عالنفس أمام المغريات ومهاوي الشيطان ...

للأسف سقط الكثير ولم يعودوا يستذكرون كلام السيد الا في يوم واحد هو يوم أستشهاده ولعلهم ما كانوا ليستذكروه لولا انه نفس اليوم الذي منة الله به عليهم بسقوط طاغية العصر ونظامه الفاشي ليكونوا هم الوريث الشرعي لما ترك من اللانظام والفساد ...

هذا مُلك هارون قد اتاهم وسيسألون عن هارون وما مَلك

لاتنسوا اغلاق الصندوق من جديد بعد ترتيب الحاجيات جيدا للاستفادة منه في العام القادم

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاكثر مشاهدة في (المقالات)
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك