قاسم العجرش qasim_200@yahoo.com
قبل الإجابة على هذا السؤال، الذي تدور حول موضوعه خلافات عديدة، نخشى أن تتحول الى إختلافات، لأن مادة الموضوع حساسة جدا، وتضرب في عمق عظام المعترضين، لذلك فإننا بحاجة الى أن نجيب على سؤال تالي، هو هل أننا بحاجة الى أن نرضي إبنائنا وأحفادنا عن سلوكنا؟!
يبدو هذا السؤال ساذجا،لأن طبيعة البشر وتكوينهم، تدفعهم لأن يخلفوا ورائهم، إرثا من المال والذكر الطيب والوجودات المادية، ما يخلدون به أنفسهم، تدفعهم في ذلك الفطرة الإنسانية والنوازع الذاتية.
لكن وبالنظر الى واقعنا الراهن؛ وبقليل من إعمال الجهد، يمكن تحديد العوامل المؤدية، إلى الاضطراب فى كيفية إدارة المرحلة الراهنة، عوامل إن أستمرت، ستقودنا إلى مستقبل، لا يدعو للاطمئنان إلى أن أبنائنا سيرضون عنا، فضلا عن إحتمال أن يلعننا الأحفاد، لما خلفناه لهم من إختلالات!
هذه العوامل هى: إدعائنا بناء نظام جديد، قبل رفع أنقاض النظام القديم، وغياب الترتيب المنطقى لخطوات الخروج من المرحلة الانتقالية، وانفراد قادة الكتل السياسية بإتخاذ القرار، مع عدم إتفاقهم على حد أدنى يتوافقون عليه، مع ملاحظة عدم تأهل بعض الساسة؛ للعمل السياسى وممارسة الحكم، وغياب إطار منظم وكفء، للتشاور بين مؤسسات الدولة الفتية والقوى السياسية، وغياب الانسجام بين مؤسسات الدولة، وعدم تلبية الدولة ما ينشده شعبنا من تغيير، فضلا عن هشاشة الوضع الأمني.
بهذا التشخيص، نكون قد قطعنا نصف الطريق، إلى الإجابة عن سؤالنا الوارد في بداية النص، الذي يقودنا الى أسئلة أخرى، منها ما هو البديل للمسار المرتبك الحالى؟!
يكمن جوهر الحل فى العودة للأفكار الصحيحة، أى الأفكار التى تتماشى مع البديهيات والخبرة التاريخية ، والترتيب المنطقى السليم؛ المفترض لخطواتنا بعد نيسان 2003.
بعض هذه الأفكار كان مطروحا، حتى قبل سقوط نظام صدام، ولكن الذي حصل؛ أن معظم القوى السياسية قد تخلت عنها، وراحت تعد نفسها لخوض معركة التغالب السياسي، الذي بات الطابع الأكثر حضورا في العملية السياسية، التي دارت عجلتها بعد زوال القيح الصدامي.
إننا إزاء عملية كبرى لإنتاج نظام سياسي ــ اجتماعى جديد، لابد له من أساس متين، وأن يسبق وضع الأساس وأعمال البناء، إزالة مخلفات البناء القديم.
معنى هذا أنه من الضرورى، الإسراع بتطهير مؤسسات الدولة من الفاسدين، وبقايا النظام السابق من جهة، وإتمام العزل السياسى لأعداء العملية السياسية الجديدة، بعد إقرار نظام محكم ومعايير محددة، لهذا الإجراء من جهة أخرى.
إن عدم إنجاز هاتين العمليتين لغاية الآن يمثل مشكلة كبرى، سيما وأن ما يزال موجودا على أرضنا، متدخلا في تفاصيل حياتنا السياسية بوقاحة فجة، ، يعني أننا لم نتقدم الى الأما،م وما زلنا نراوح في مكاننا، في مكان وزمان ليسا بعيدين عن 9/4/2003 إلا بمسافة ووقت قليلين، ولذلك فإننا بحاجة الى فعل إستثنائي لمكافحة الفساد، فهل يمثل مجلس مكافحة الفساد هذا الفعل؟! ربما نعم وربما سيكون بوابة لتمرير الفساد..!
كلام قبل السلام: نهوضنا الحقيقي لن يكون ممكنا، إلا إذا جمعنا العطاء الإيجابي لكل مكوناتنا!
سلام....
https://telegram.me/buratha