المقالات

العمل السياسي والحزبي؛ وصناعة الأزمات والخلافات..!


طيب العراقي

 

في مجتمع كمجتعنا المميز بكم هائل؛ من التنوع القومي والثقافي والعقائدي والفكري والديـنـي، نحتاج إلى خلق آلية نضبط من خلالها، ما نريد الإتفاق حوله؛ لنضمن من خلالها نقاطاً معينة، محددة ليست فضفاضة، نجعلها سارية المفعول؛ داخل مجتمعنا الذي نتعايش فيه.

القصد من هذه الآلية؛  هو أن تستمر المناظرة السياسية على مدار الزمن؛ كثقافة يحتضنها المجتمع، على أساس أن تظل الفرصة سانحة، لمن يقدم أحسن برنامج سياسي، ينصف شرائح المجتمع بأطيافه المتعددة.

حينـذاك؛ سنكتشف قوة ثراء اللأرث الحضاري للشعب العراقي، وسر التعددية والتنوع في بنية نسيجه، وفائدة هذا التنوع في بقائنا شعبا حيا، لأكثر من ثمانية آلاف سنة.

كفاحنا من أجل الحرية؛ أنتج بُعيد الإطاحة بالطغيان البعثي الصدامي عام 2003؛ دستورا يعكس التعددية والحريات العامة، التي يكفلها نظام سياسي يقوم على أساس فهم التعددية، وعلى أساس أن الكرامة، وحق المواطنة، والحقوق المتفرعة عنها؛ الخدمات ـ الصحة ـ الأمن ـ التعليم ـ العمل ـ السكن، لايتم تقسيمها على أساس العقيدة، أو اللون أو الجنس أو اللغة، أو المكانة الإجتماعية.

إنما الأساس فيها؛ هو الإستحقاق على خلفية المواطنة الكاملة، وحق الإنـسـان بما هو إنسان، لا بما هو ذئب بشري، يفترس أخيه الأنسان كما يفعل الإرهاب البعثوهابي.

بيد أن من أعظم الإبتلاءات؛ التي ابتليت بها العملية السياسية؛ هو صفة الغباء في معالجة القضايا، سيما المعقدة منها، وقديما قيل : يريد الأحمق أن ينفع فيضر.

لقد كانت أضرار سياسة الغباء؛ في المعالجة عندنا أكثر من تحتمل، ربما هي قلة الخبرة السياسية، وربما هي سليقة جبل عليها كثيرون، وربما هي ثقافة موروثة من أزمنة غابرة، وربما هي من مستلزمات التمظهر بمظاهر القوة، وربما هي تنفيذ لأملاءات خارجية، وربما هي من علائم الفشل في تقدير الموقف السياسي، وربما هي خصلة التهور، وربما هي شخصنة المواقف وإحالة الخاص الى العام، وربما هي سبيل للتغطية على مشكلات داخلية للأحزاب، التي يمثلها المأزومين ـ أو ـ المتأزمين، وربما هي كل ما تقدم مجتمعا أو بعضه على بعض.

 تلك هي الأسباب؛ التي تدفع بعض المنخرطين بالحقل السياسي، الى السير على طريق الأزمات أو إنتاجها، وهي حالة شاعت في الوسط السياسي العراقي كثيرا؛ وطبعته بطابعها، وسببت في تعميق الإختلافات بين الساسة، على صعيد شخصي وعلى صعيد حزبي.

من غريب الفعل أنه حتى في داخل التشكيل السياسي الواحد، نجد أن التأزيم بات لازمة العمل السياسي والحزبي، وهو نابع أساسا من فقدا الثقة؛ وإزدياد مساحة الشكوك داخل الحزب.

القاعدة الفطرية المفترضة، أن الأصل هو اليقين والشك هو الأستثناء، لكن في السياسة عموما والعراقية منها خصوصا، تنعكس القاعدة؛ فيكون الأصل هو الشك، واليقين إستثناء أو غير موجود على الإطلاق..إذ لا أحد يثق بأحد، وذلك هو أول طريق إنتاج الأزمة.. !

الشكوك والأزمات غالبا ما تنتجها الرغبات الشخصية البحتة، ويصنعاها الميل لخدمة الذات قبل الجماعة، والشكاكون ومثيرو الأزمات غالبا ما يكونون مأزومين نفسيا، أو مصابين بأمراض حب الظهور، وعشق الشخصنة والزعامة، أما الثابتين على العقيدة، أصحاب (النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ) فهم غالبا ما ينظرون الى ذواتهم نظرة ريب، على قاعدة (النفس اللوامة)، فيلومنن أنفسهم ويحاسبونها على تصرفاتها،  لأنهم يعرفون (إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ).

المأزومون وصناع الأزمات، لن يحصدون إلا الخيبات التي يزرعونها بأيديهم المرتجفة، قال تعالى (أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ)..

.........................

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك