قاسم العجرش qasim_200@yahoo.com
ثمة نظرية ذات أساس إجتماعي، اطلقها في القرن السابع عشر، الفيلسوف الفرنسي بليز باسكال بقوله: "يجب ان نحرص على ان يكون ما هو عادل قوياً وما هو قوي عادلاً".
إرتباط تحقيق العدالة، بإمتلاك من يناط به ذلك مصادر القوة، أمر يتسق مع منطق الأشياء وصيرورتها، إذ لا يمكن تصور تحقيق العدالة، بالإيمان بها وحده، ولا بالتثقيف عليها، إذ من المؤكد بقاء زوايا في المجتمع، لا يمكن للإيمان الولوج اليها، مثلما لا يمكن للتثقيف التأثير بها، لأن العداء للعدالة مستحكم فيها، الى درجة درجة اليأس!
باسكال نفسه، كان واضحاً في دعوته تلك، حينما أنتقل الى مرحلة أخرى من توصيف جدلية القوة والعدالة؛ بقوله"العدالة دون القوة عاجزة، والقوة دون العدالة مستبدة"، لقد كان النظام الصدامي قويا بلا شك، لكنه نحى العدالة من تطبيقاته، فكان نظاما مستبدا..
نظامنا السياسي الراهن، تكتنف تفكيره كثير من مجريات العدالة ودلالاتها، ولكنها عدالة أقرب ما تكون الى العجز منه الى تنفيذ مجريات العدالة، والسبب في ذلك ليس لعدم إمتلاكه القوة ومصادرها، فلديه منها شيء كثير، لكن لعدم إيمانه بالعدالة إيمانا تاما، فضلا عن عدم قدرته على توجيه مصادر قوته، بإتجاهات تحقيق العدالة!
بين أيدينا نماذج متعددة لعدم قدرة النظام القائم على تحقيق العدالة، برغم إمتلاكه القوة اللازمة لتنحقيقها، فكبار الفاسدين في المؤسسات الحكومية، يستطيعون الإفلات من قبضة العدالة، لأن إرادة تحقيق العدالة، ليست متوفرة لدى من أنيط بهم تحقيقها، وهكذا افلت السوداني وزير التجارة السابق ، والسامرائي وشلاش وزيري الكهرباء الأسبقين، وأفلت طارق الهاشمي، وأفلت اليوم وزير التجارة الحالي!
كما تهيء عدالتنا فرصا ممتازة؛ لإفلات عتاة الإرهابيين من يد العدالة، عبر بوابة تقديم ضمانات للمدانين، في نيل فرص لا تنتهي، لإعادة المحاكمة والطعن بالأحكام، وتاخير تنفيذها لأقل الأسباب ضرورة..وما مئات الإرهابيين الممسوكين بالجرم المشهود، والمصدقة إعترافاتهم قضائيا، وبكشف الدلالة وشهادة الشهود، إلا نماذج صارخة على عجز العدالة!
إن الأصل في فكرة تحقيق العدالة هو إنصاف الضحايا، لا تبرئة المجرمين، وهذا لا يتعارض قط مع ما يقال؛ بأن المتهم بريء حتى تثبت إدانته، فالمسافة بين البراءة والإدانة هي الإتهام، ولو لم يكن المتهم موضع شبهة حقيقية، لموا وضع في دائرة الإتهام..
كلام قبل السلام: العدالة تقتضي توفر الإرادة والقوة بمن يطبقها، وعلى نظامنا السياسي القائم، السعي الحثيث لإمتلاكهما بإخلاص، وإلا سيصبح نظاما خادما للظلم..!
سلام..
https://telegram.me/buratha