السيد محمد الطالقاني
ان الإنسان ليقف عاجزاً في الحديث عن الحوراء زينب عليها السلام , ويعجز القلم عن الكتابة أمام هذا البحر المترامي الأطراف، المليء بالمعارف والصبر والجلد والعظمة والفصاحة ورباطة الجأش وعن خير قدوة وأسوة للنساء المؤمنات، بل خير مقتدى ومهتدى لكل امرأة تبحث عن الحقيقة والسعادة في الحياة.
نقف اليوم لنرتشف من معين معارفها الدروس والعبر، لتنير لنا الدرب في ظلمات عصرنا المادي الكالح، هذه المراة العظيمة الي تعرفت على البلاء والمشقات منذ صغرها وكانت في كل مصيبة وبلاء مثالاً للصبر والتواضع والحركة في الاتجاه الذي يرضاه الله تعالى.
لقد نشات سيدتنا زينب عليها السلام في حضن النبوة، ودرجت في بيت الرسالة، ورضعت لبان الوحي من ثدي الزهراء البتول، وغذيت بغذاء الكرامة من كفّ ابن عم الرسول، فنشأت نشأة قدسية، وربيت تربية روحانية، متجلببة جلابيب الجلال والعظمة، متردية رداء العفاف والحشمة، فالخمسة أصحاب العباء (عليهم السلام) هم الذين قاموا بتربيتها وتثقيفها وتهذيبها، وكفاك بهم مؤدبين ومعلمين. فكيف اذن يمكن لاقلامنا ان تصف هذا الجبل العظيم.
لقد صمدت مولاتنا زينب عليها السلام وأظهرت التجلّد وقوة النفس أمام أعداء الله وقاومتهم بصلابة وشموخ ، وقاومت الأحداث بنفس آمنة مطمئنة راضية بقضاء الله تعالى وصابرة على بلائه، فلم يشهد التأريخ سيدة مثلها في قوة عزيمتها وصمودها أمام الكوارث والخطوب.
اننا اليوم ونحن نعيش ذكرى رحيلها الى عالم الاخرة نقف لنرتشف من ذلك المعين الذي نحن بامس الحاجة اليه حيث نعيش التجربة السياسية العراقية الجديدة بعد ان تاهت علينا سبل الوصول الى الحقائق, واملنا ان ياخذ الجميع درسا من دروس هذه المراة الجليلة وينحنوا امامها خصوصا من تصدى لادارة الحكم والعملية السياسية , فبالرغم من استبداد الحاكم الظالم وتماديه في طغيانه استطاعت هذه المراة ان تكون بحق رائدة التغيير السياسي وصنع القرار بعد ان وقفت بوجه يزيد وهي تقول كِدْ كيدَك، واسْعَ سعيَك، وناصِبْ جهدك، فوَاللهِ لا تمحو ذِكْرَنا، ولا تُميت وحيَنا، ولا تُدرِكُ أمَدَنا، وهل رأيُك إلاّ فَنَد، وأيّامك إلاّ عَدَد، وجمعك إلاّ بَدَد!! يوم ينادي المنادي: ألاَ لَعنةُ اللهِ علَى الظالمين
https://telegram.me/buratha