محمد كاظم خضير
ما هي الأسباب الموجبة للإعلان عن زيارة الرئيس الإيراني حسن روحاني الى الجمهورية العراقية اليوم؟ وفي أي إطار تندرج؟ وما هي أهدافها؟ أسئلة فرضتها الزيارة وتعد الأكثر تداولاً وأهمية خلال الفترة الراهنة.
لا شك أن الدولتين إيران و العراق لديهم مصالح وأهداف وايظا تخوضان تقريباً حرباً مشتركة. وصحيح أن هذه الحرب ضد الإرهاب تخاض على الأرض العراقية فقط، حيث الميدان العراقي هو مسرحها بشكل كامل، ولكن يمكن القول وبشكل واضح، إن العناصر المكونة لهذه الحرب هي نفسها لدى كل من الدولتين، لناحية الأهداف، المناورة، الوسائل، النتائج، والأهم لناحية العدو الواحد، الذي يستهدف كلّاً من العراق وإيران عبر معركة واحدة.
أما في الواقع الفعلي، فمن الطبيعي أن نستنتج من الزيارة تثبيتا للتحالف وتأكيدا للتكامل، والأهم، إعلان الانتصار الذي ظهر من خلال تحقيق كل من الدولتين للأهداف المشتركة التالية:
أ القضاء على الارهاب
هذا الهدف قد تحقق فعلياً لا صورياً كما تعلن الولايات المتحدة الأمريكية من ضمن ما تدعي أن التحالف قد حققه، ومعركة العراق ضد الإرهاب مدعوماً من ايران ، تؤكد بما لا يقبل الشك مسار المواجهات الشرسة ضد المجموعات الارهابية، (“داعش” والمجموعات الأخرى)، والتي انتهت بدحرها عن مساحات شاسعة من الجغرافيا العراقية ..
ب ـ تحدِّي الأمريكيين ومواجهتهم
– بالنسبة لايران كان العراق ، وطبعاً ليس لخيار ايراني، بل للضرورة، ميداناً لمواجهة الاميركيين وتحدِّيهم، من خلال دعم الدولة العراقية واجهاض الأجندة الأمريكية في منع سيطرة الارهابيين، حيث ترى ايران وربما هذا هو الواقع، أن الاشتباك المباشر مع الأمريكيين في غير الساحة العراق وفي ملف آخر أو صراع آخر، هو صراع خطر وحساس وتداعياته ستكون كبيرة، وأساسا، لم يكن الاميركيون من الذين يقاتلون مباشرة، بل قتالهم دائما كان بالواسطة وعبر وكلاء، من هنا فُرِض على ايران هذا الدور ضد الأمريكيين بطريقة غير مباشرة في الميدان العراقي .
– بالنسبة للعراق ، التحدي الذي ربحته ضد واشنطن كان واضحا، في الانتصار على المشروع داعش : أولا في الانتصار بالحرب الارهابية التي دعمتها الولايات المتحدة الاميركية ميدانيا وعسكريا ولوجستيا، وثانيا في مواجهة كل مخططات الاميركيين ، ومؤخراً في محاولة اجهاض محاولة الأمريكيين في استغلال إقامة قواعد عسكرية في العراق.
– في موضع العقوبات الأمريكية واجهاضها من قبل الايرانيين والعراقيين معاً، من خلال تكامل وترابط اقتصادي بين الدولتين، يتوَّج الان بخطة مشتركة لاعادة اعمار ما خلفته الحرب على العراق ، بدور أساسي لايران.
ج ـ تحدِّي “دول الخليج العربية ”
من خلال انتصار العراق ، بالرغم من انخراط الخليج في الحرب مباشرة، والداعمة لمعارك الارهابيين، ، والصمود العراقي في هذه المواجهة القاسية ، لعبت ايران عبر مستشاريها وخبرائها وتقديماتها العسكرية، أو عبر دعمها المباشر لجيش العراقي ، الدور الأساس في تثبيته.
النفوذ الايراني، الذي كانت دائما “دول الخليج ” تصوب عليه وتضعه هدفا استراتيجيا، لمحاولة منعه وتقييده، تمدد بعد الانتصار في العراق ، من خلال التكامل مع الدولة العراقية ضمن محور مقاومة ، المحور الذي أصبح يملك نقاط وعناصر قوة لا يمكن تجاوزها، وأساسها هو في توحيد مناورة واستراتيجية مثلث المواجهة الفعلي ضد العدو الإرهاب في العراق.
من خلال تعاظم قوة الحشد الشعبي ، ربما يكون تعاظم قدرات الحشد الشعبي ، في امتلاك القدرات والأسلحة النوعية، أو في امتلاك الخبرات القتالية والتكتيكية، من أكثر الأهداف حساسية التي تؤثر سلباً على السعودية ، لأسباب معروفة، وهذا ما وفره الانتصار المشترك لعراق وايران في الحرب على العراق .
بالعموم، يمكننا القول إن الانتصار المشترك لايران والعراق في الحرب التي شنت على العراق ، هو بحد ذاته هزيمة للمشروع الأمريكي العالمي في محاولة تطويع الشعوب والدول، وربما كانت درس العراق ووقوفه اللافت والمُقدَّر له بالاستمرار وبالصمود، من أكثر الأمثلة التي تمثّلت بالتجربة العراقية الايرانية بمواجهة الغطرسة الأمريكية.
https://telegram.me/buratha