ميثم العطواني
بلعبة سياسية محنكة، رمى رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي الكرة المتمثلة بمعالجة ملفات الفساد المالي والإداري في ملعب مجلس النواب الذي يعد بموجب الدستور العراقي أعلى جهة رقابية، وبهذه السياسة الهادئة كشف في الجلسة المشتركة عن أربعين ملفا مهما للفساد ووضعها أمام النواب موفرا عليهم عناء البحث وتقصي الحقائق، والمتعارف عليه في دورات البرلمان السابقة ان أنشط النواب من اللذين تولوا مهمة أستجواب المسؤولين كان يقضي مدة دورته لجمع المعلومات عن قضية واحدة من آلاف القضايا الموجودة في الملفات التي تم الكشف عنها، ربما يكون عبدالمهدي مارس أتجاه النواب المثل الشعبي الشائع (الباب التجيك منه ريح .. سدة وأستريح)، حيث قام في تلك الخطوة بغلق نافذته تماما أمام جميع التساؤلات المستقبلية، وهذا ما لا يحتاج الى مزيدا من النقاش والتفكير، إذ ان الرجل هو من قام بالكشف عن تلك الملفات بحضور أعضاء مجلس النواب، ورئيس هيئة النزاهة وكالة، ورئيس ديوان الرقابة المالية وكالة، بالإضافة الى ان وقائع الجلسة نقلت عبر شاشة التلفاز وشاهدها الشعب العراقي بمختلف أطيافه ومكوناته .
وبعد كل ما جرى ودار في تلك الجلسة ينبغي ان نضع بعض النقاط على الحروف، ان قضايا الفساد المالي والإداري بالدرجة الأولى تكون من اختصاص الحكومة الذي يحتم عليها ان تحصن مؤسساتها بالوقاية منه أكثر مما تعمل على معالجته، والحكمة تقول "المال السائب يدعو للسرقة"، وما الدورات السابقة إلا خير شاهدا على ذلك .
لذا يستوجب على رئيس الوزراء إذا هو قويا كما يدعي ويريد فعلا النزال في هذه المعركة إعلان أسماء وتفاصيل كبار حيتان الفساد مهما كانت عناوينهم الوظيفية أو مسمياتهم الحزبية، وبهذه الخطوة يكون قد شجع هيأة النزاهة وديوان الرقابة المالية على حسم ملفات الفساد التي تركن منذ سنوات على الرفوف، وكذلك قد أعطى الضوء الأخضر للقضاء ان يملئ بهم السجون دون خطوط حمراء، وإن لم يفعلها عبدالمهدي سيبقى يراوح في إطار دائرة الشعارات التي لم تعد تنطلي على الشعب العراقي .
https://telegram.me/buratha