طيب العراقي
مع الأحتلال الأمريكي لبلدنا؛ جائتنا "ثقافة" العبوات الناسفة والسيارات المفخخة، حتى باتت جزءا أعتياديا من مشهدنا اليومي، طيلة سنوات ما قبل الأنتصار على داعش، الذي لم نكن نعرفه قبل أن يطأ الأمريكان أرضنا، ثم يعترف رئيسهم ترامب بفم مليان، أن الرئيس الذي سبقه هو الذي صنع داعش.
مع "ثقافة" العبوات الناسفة، جائنا المحتل أيضا بـ"العبوات" السياسية؛ التى صنعها ورباها فى حضانته.
"المَحْضونون" أو"المحتضنون" من قبل الأمريكان، صنعهم ليجعلهم أحتياطيه المضموم في ساعة العسرة، ونتذكر أنه حينما حان أوان تلك الساعة، نهاية عام 2011، حيث بدأت قواتهم تلملم أطرافها، إستعدادا للإستحقاق المحتوم لأنسحابها، نشط "المَحْضونون" بالتزامن مع العبوات المتفجرة، ومصدرهما واحد كما تعلمون! فالى أن حانت ساعة الرحيل؛ أزدحمت أيامنا بصخبهم، ووجدنا قيحهم على شاشات الفضائيات؛ وطالعنا تصريحاتهم على صفحات الجرائد..
اليوم يعيد"المَحْضونون" إياهم الكَرَةَ، ويعيدون نفس السيناريو معلنين بوقاحة فجة، أن العراق بحاجة الى بقاء الأمريكان، وأن لا أمن أو أمان في العراق بدونهم، وها هو أحدهم وهو من الذين شغلوا مواقعا حكومية متقدمة، بل هو زعيم لكتلة سياسية ، ويا لسخرية الزمان، يظهر على شاشة إحدى الفضائيات، يشتم الحشد الشعبي، ممجدا بالأمريكان مطالبا ببقائهم، ومنددا بمن يطلب رحيلهم..لقد كان الرجل "مَحْضونا" وفيا بحق!
لقد حولنا أشباه هذا الرجل بتاريخهم المثير للجدل، الى نظارة حفلة سياسية، مبتذلة تشبه كثيرا غناء الغجر.. بعض هؤلاء يُنَظِرُ للحاجة الى تمديد الوجود الأجنبي، وبعضهم الآخر يقول أن الأمن لم يستتب بعد، وأن القوات العراقية؛ غير جاهزة بما فيه الكفاية للإمساك بتلابيب الإرهاب، ويجهدون أنفسهم بلا كلل لتقديم أدلة ميدانية على ذلك!
ما نتوقعه وفي إستقراء مستند على سوابقهم، فإن "المَحْضونين" المطالبين ببقاء القوات الأمريكية سيصعدون حملتهم في قادم الأيام، وكي يقدموا "الأدلة" على صحة أطروحتهم، و"عدالة" مطالبهم، سيترافق مع كل تصريح من أي منهم، "إنفجار" عبوة ناسفة، ومع كل تصعيد أعلامي سيارة مفخخة، ومع كل مناكدة سياسية؛ رصاصة من كاتم للصوت!
الحقيقة أن هذه "الأدلة" جاهزة، وهي قد صنعت مسبقا؛ من قبل من صَنَعَ "المَحْضونين" كي يوجد الذريعة؛ لإستمرار بقاء وجوده بشكله العسكري، فستة عشر عاما مضت، كانت كافية لكي يكون "مصمم" العملية السياسية، قاعدة سياسية عريضة ومتكاملة، "تؤمن" بأن وجوده العسكري وغير العسكري، أمر طبيعي بديمومة مقبولة.
لقد مضت السنوات الستة عشر المنصرمة؛ والأمريكي يبني بلا كلل قاعدة من الأنصار، والآن جاءت المناسبة لإستخدامهم، لكننا كعراقيين قد قيل فينا المثل؛ "مفتحين باللبن" فإننا نعرف أنهم؛ عصا الأمريكي التي يتوكأ عليها، والتي له فيها مآرب أخرى، حان اليوم إستحقاقها بهذه العصا..
لذلك فإننا أعددنا عدتنا لهم ولحاضِنهم، لذلك ها هم يهرعون اليه منادين، واسيداه، وامحتلاه، واصانعاه، وامحتضناه..فقد فقدناك فقد عزيز، فمن من بعدك لأولادك..!
ما يبدو أحياناً وكأنه النهاية، كثيراً ما يكون بداية جديدة..!
https://telegram.me/buratha