المقالات

النخب السياسية بين الفشل والتعويل على الشعب


محمد كاظم خضير

باحث ومحلل سياسي

 

لكل مجتمع نخب تتميز ثقافة وعلماً وتجربة، ما يؤهلها لتكون بمثابة عجلة القيادة لأي بلد نحو حاضر افضل ومستقبل واعد، وعليها تقع عادة مسؤولية إدارة شؤون البلد بأحسن وأنسب الأساليب الممكنة وفقاً للإمكانات المتاحة، لكننا في العراق وبكل اسف نفتقد إلى تلك النخب، حيث أن ما هو موجود منها الآن لا يعدو كونه نماذج من نخب مزيّفة!

لذلك قد لا يصدق البعض أن ما يسمى بالنخبة في العراق اليوم، هم السبب فيما تعانيه البلد من فوضى وفساد مالي واداري وانقسام سياسي! فهذه النخب وبكل اسف ساهمت وتساهم في انهيار العراق بعد تغير سواء بطريقة مباشرة او غير مباشرة!

 بطريقة مباشرة: عندما تدافعت النخب المزيفة نحو الكراسي طمعا شخصيا فأتيح لهم اعتلاء مواقع صناعة القرار وتوليّهم المناصب والمواقع، مع افتقادهم للمهارة والخبرة وابجديّات الإدارة ومقتضيات الحكم! وأثبتت الأيام أنهم عاجزون بوضوح عن إدارة البلد بالصورة الصحيحة بل لم يقدروا حتى على ادارتها بالصورة النمطية التي كانت عليها أيام حكم النظام السابق!

بطريقة غير مباشرة: عندما قرر البعض من النخب ممن لديهم الخبرة والدراية والمهارة الابتعاد طوعا ونأيهم بأنفسهم عن دائرة الفعل، مفسحين الطريق لأولئك الرهط من أشباه النخبويين الغير مؤهلين للعبث بمقدرات الشعب العراقي خلال فترة ما بعد التغير . التجربة اثبتت ان العامة من الشعب قد تكون قرائتها للاحداث انضج من ما يسمى بالنخب، ففي حين كانت النخب تتوقع عودة الأمور الى طبيعتها خلال مدة وجيزة قد لا تتعدى السنة من سقوط نظام البعث !

رأى بعض البسطاء من عموم الشعب غير ذلك، من حيث أن البلد ستشهد حالة من الفوضى العارمة وينفلت الأمن ويفقد المواطن أمانه امام تغوّل عصابات الإجرام من ذوي السوابق وغيرهم من الرعاع، وهو ما حصل بالفعل ولازلنا نعاني اثاره في العراق حتى الان! فهل يعني ذلك غير قصور وعجز شديدين لمن يعتبرون انفسهم النخبة؟! ووعي وادراك العامة والبسطاء من افراد الشعب؟!

اليس هذا كفيل بأن نقرّ بعجز “النخبة” وقصورها وبالتالي فقدان الثقة فيها وتعذر إمكانية التعويل عليها ، وأن التعويل الحقيقي ينبغي ان يكون على عامة الشعب فهو وحده من يستطيع ان يقود التغيير ويصنع التحول المنشود.

 النخب التي تعجز عن تشريح الوضع وتحليله بصورة دقيقة لا يمكنها إيجاد الحلول الناجعة للأزمات، وبالتالي لا يمكن التعويل عليها في مثل هذه الظروف، ونخبنا التي تدّعي اليوم انها كذلك وتتصدر الموقف، هي في الواقع مجرد هياكل صوريّة لا علاقة لها بأمر “النخبويّة”! التي تعني التميّز والفاعلية،

هذه الحال كم يكون منصفا أن تعتذر هذه النخب من الشعب العراقي في عمومه، الذين عادة ما يوجّه اللوم اليه بإدعاء السلبية تجاه ما يجري في البلد من فوضى وعبث! ويتهم أحيانا كثيرة بالتقصير والاستكانة وعدم المساندة في لجم مظاهر الفوضى عبر قنوات التأثير للمكونات الاجتماعية التي تتصل عنقوديا بالأفراد الممارسين لفعل الاختراق، والانحراف عن المألوف بالعرف والقانون.

ان حالة الانقسام السياسي الذي تعيشه البلد والفوضى التي تضرب اطنابها في كل اتجاه، هي في الواقع نتاج واضح لأداء هذه النخب الباهت القاصر خلال هذه المرحلة، فهم دون غيرهم سبب هذا الانسداد السياسي والاقتصادي والمالي والامني، وهم الذين صاروا يستحقون بجدارة أن يقول لهم الشعب الآن “كفى…كفى..” فقد منحوا الفرصة الكافية زمنا واموالا، لكنهم اثبتوا بما لايدعوا مجالا للشك فشلهم، واخفاقهم الواضح، الأمر الذي يستوجب تنحيّهم جانبا وترك الساحة لغيرهم من عموم الشعب الذين اثبتوا انهم اكثر نضجا وحرصا ومعرفة بالواقع العراقي من خلال عوامله الاساسية، فالشعب صار اجدر بالتعويل عليه فهل تأخذ النخب خطوة للخلف وتغادر المكان؟!.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
almajahi : نحن السجناء السياسين في العراق نحتاج الى تدخلكم لاعادة حقوقنا المنصوص عليها في الدستور العراقي..والذي تم التصويت ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
جبارعبدالزهرة العبودي : لقد قتل النواصب في هذه المنطقة الكثير من الشيعة حيث كانوا ينصبون كمائنا على الطريق العام وياخذون ...
الموضوع :
حركة السفياني من بلاد الروم إلى العراق
ابو كرار : السلام عليكم احسنتم التوضيح وبارك الله في جهودكم ياليت تعطي معنى لكلمة سكوبس هل يوجد لها معنى ...
الموضوع :
وضحكوا علينا وقالوا النشر لايكون الا في سكوبس Scopus
ابو حسنين : شيخنا العزيز الله يحفظك ويخليك بهذا زمنا الاغبر اكو خطيب مؤهل ان يحمل فكر اسلامي محمدي وحسيني ...
الموضوع :
الشيخ جلال الدين الصغير يتحدث عن المنبر الحسيني ومسؤولية التصدي للغزو الفكري والحرب الناعمة على هويتنا الإسلامية
حسين عبد الكريم جعفر المقهوي : عني وعن والدي ووالدتي وأولادها واختي وأخي ...
الموضوع :
رسالة الى سيدتي زينب الكبرى
فيسبوك