قاسم العجرش qasim_200@yahoo.com
" إذا خرج طاغية عن تعاليم الدين قالوا عنه إنه مجتهد، ومن أخطأ في اجتهاده فله حسنة..أما إذا جاء الفقير برأي جديد قالوا عنه: إنه زنديق..وأمروا بصلبه على جذوع النخل" علي الوردي
ليس المشكل الأمني وحده ما يواجهنا بضراوة، بل أن مشكلة الهوية، أو لنقل محاولات إقسار الأمة على تبني هوية غير هويتها، تشكل أيضا ميدان مواجهة، يتسع في ساحات المشكل الأمني..
الإنعزال والتكفير، أنتج بيئة خصبة لإستيراد مشكلات جديدة، مساحتها التداخل المفاهيمي اللا منضبط، بين العلمانية والإسلام، إذ لم تكن قضية العلمانية والإسلام، مشكلة مثارة في سابق الأيام، ولكنها اليوم تطرق الأسماع، وأبواب الفكر والثقافة والإعلام بقوة، وتطرح نفسها كإشكالية، على طاولات نقاش جماعات الرأي، وطرحت بقوة حين سعى العلمانيون الى فصل الروح عن الجسد، ونزع الهوية عن الشخصية، لمنح الأخيرة هوية جديدة بأطر ومحددات، وفقا لمعايير يريدونها هم.
إذا فهمنا حقيقة أن الإسلام دين للذين يؤمنون به، وأنه يمكن أن يكون ثقافة لغيرهم، وأن العلمانية منهج لإدارة مجتمعاتها، وإسهام في الحضارة العالمية، تصلح في مكان ولا تصلح في غيره، نستطيع أن نفكر بتعايش طبيعي، بين الإسلام وباقي المفاهيم، ونستطيع أن نقدم للعالم صورة عن ثقافتنا، تمحي العار الذي لحقنا، بسبب ثقافة التشدد والتكفير ورفض الآخر، تلك الثقافة المفعمة بالجهل والتجهيل.
على الصعيد العالمي؛ نستطيع أن ننتج ثقافة تعايشية بناءة، بصيغة مثلى لتجاوز الخلاف والتخلف.
على الصعيد العربي؛ نستطيع أن ننتج بلا تعسف فكري، حقيقة دائمة مؤداها؛ أن العروبة ستكون بدون الإسلام مفكَّكة الذات، مبعثَرة الصفات، صغيرة الإطار، وأنها بالإسلام ستستوعب آفاق الثقافة، وتصبح مؤهلة لأن تكون طرفا فاعلا، في بناء الحضارة الإنسانية.
بهذا الفهم أيضا سنتخلص من عقم المواجهة الأفتراضية، بين ما هو علماني وما هو إسلامي، وما هو قومي وما هو إسلامي.
إن مناسبات مهمة كإحتفاء الإنسانية، بذكرى سيد الشهداء الإمام الحسين عليه السلام، ومشاركة مئآت من المثقفين، وصناع الرأي والحكماء والفلاسفة، من الذين يعتنقون أديانا أخرى غير الإسلام، بل ومشاركة الكهنة والقساوسة المسيحيين، مشاركة إيجابية فعالة، تلغي كل إفتراض للمواجهة بين ما هو مسلم وما هو ليس مسلم، وتفضح زيف متبني فكر الإنعزال والتكفير..
إن مفهوما عمليا لإنسانية الإسلام، مازال يتفاعل بقوة على يد الحسين عليه السلام، برغم إستشهاده منذ قرابة أربعة عشر قرنا، لأنه أسس لمشروع جادٍّ يصب ليس في ثقافة المسلمين، بل للإنسانية كلها، مشروع مرن منتج حضاريا، يتسع لكل البشر، فيتشربونه تفكيراً وتعليلاً.
كلام قبل السلام: يمكنك أن تهز كل ما في العالم فقط بأسلوب لطيف ـ غاندي.
سلام...
https://telegram.me/buratha