المقالات

العراق دولة أزمات أم دولة المؤسسات؟!


طيب العراقي

 

نستطيع القول بأن الطبقة السياسية، وخلال الحقبة المنصرفة التي تلت زوال نظام صدام،  لم توفق لإدارة شأن الدولة بمعناها الدقيق كدولة،  بقدر ما كانت تتعاطى مع مجموعة أزمات، بعضها سبقت مجيئها الى السلطة، وبعضها كان نتاج قدومها؛ كردات فعل طبيعية من أضدادها الطبيعيين، وبعضها الآخر كانت قد صنعته بيدها؛ بكل فخر واعتزاز..!

مع أن بين هذه الطبقة، من كان يبذل جهده؛ للقيام بعمل إصلاحي؛  تدفعه في ذلك النوايا الطيبة، لكن التجربة البشرية أثبتت؛ أن النوايا الطيبة لا يمكنها بناء دولة، بل أن التجربة ذاتها، تفيد أن النوايا الطيبة، كانت في أغلب الأحيان عائقا لبناء الدول؛ لأنها غاية بحد ذاتها، ولأنها تصطدم دوما بما هو واقعي، وليس من سنخها، فإنها تأتي بنتائج عكسية..!

خلال ستة عشر عاما مضت، منذ أن أنسلخنا عن الواقع المر الذي تمثل بدولة القيح الصدامي، واجهنا كما هائلا من عوامل الإعاقة والإخفاق، بل والفشل فى جوانب عديدة، الأمر الذي يستوجب الإقرار بها، والإعتراف بأثارها، والجرأة في تشخيص أسبابها ومسببيها،  حتى نجد السبيل لتجاوزها ومعالجتها مستقبلا، وهذا غير متوقع على الطلاق، لأن لا ثقافة الإقرار بوجود أخطاء متوفرة لدينا، ولا المقدرة أو الرغبة في تشخيص الأسباب؛ حاضرة في تخطيطنا، ولا البعد الأخلاقي موجود؛ كدافع لتسمية ألأسماء بأشيئائها فاش بيننا !.

حتى المعالجات الخجولة، التى جرت لمعظم أوضاعنا، لم تكن تمتلك الغايات النبيلة للعلاج، فهي تفتر ومن ثم تتبدد؛ بمجرد الشروع بها، لمحدودية الآليات، وفقر الأدوات، وتعاظم الضغوط الداخلية والخارجية، والإحاطة الاقليمية والدولي، فضلا عن تنحي العملة الجيدة لصالح العملة الرديئة!

كثافة المحن التى مررنا بها، وما جرته بين ثناياها، من تفرعات لا نهاية لها، ومعظمها إن لم يكن كلها، لامست حياة المواطن ووجوده وتطلعاته المشروعة!, فضلا عن المؤثرات الخارجية التي لا تحصى، وتقلبات الظروف الدولية الضاغطة، وامتداد أثرها ليطال كافة بلدان المنطقة، ولم يكن العراق بدعا في ذلك، كانت أيضا نتائجا وأسبابا لسوء إدارة الدولة العراقية بنسختها الجديدة، والتي لم ترق الى مستوى دولة مؤسسات، لأنها كانت وما تزال بالحقيقة؛ دولة أزمات!

نريد أن نتجاوز دولة الأزمات، الى دولة المؤسسات، بكل ما يحمل هذا التوصيف من مهنية وأبعاد، ونحن أمام محطة فارقة، تحتاج منا التوقف وإمعان النظر، في واقع وشكل الدولة الحديثة القديمة، وفق المعطيات الجديدة، والنظر مليا فى مآلاتها ومستقبلها، لا مجرد لافتات وواجهات، تكثر الكلام والطحين وطبخ الحصى!.

وبرغم أننا  نرغب بالخروج من عنت المكابدة والمعاناة، التى لم تكن حصرية على طرف دون آخر، ورغم أننا بذلنا الكثير؛ للتخلص من أنشوطة مأزقنا المتفاقم، لكننا حققنا بعض النجاحات والانفراجات هنا وهناك، وأكملنا استحقاقات، لا يسعنا إلا أن نقر بأنها كبيرة، وأننا أستطعنا التغلب على مشكلات عديدة، لكن تغلبنا كان على طريقة كحّال قليل الخبرة: أراد أن يكحل عينا فأصابها بالعمى.!

 

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك