قاسم العجرش qasim_200@yahoo.com
يضربنا هذه الأيام، سيل عرمرم من أحاديث المصالحة، والتسوية والمصالحة المجتمعية، وتنشط ملتقيات تنفذها جهات تحمل عناوين وطنية فضفاضة، تحت عنوان السلم المجتمعي، وبديهي ان مثل هكذا أنشطة، تحتاج الى نفقات وكيس مال مفتوح، فما الذي حدث، وكيف ولماذا؟!
في هذا الصدد؛ دعونا نعالج الأمر، من زاوية التوصل الى مفهوم يستسيغه العقل؛ للمصالحة الوطنية التي هي العنوان الجامع، لكل الأنشطة والفعاليات التي تقارب موضوع البحث.
مثلما تتذكرون؛ فإن الحاجة للسير في طريق المصالحة الوطنية، نشأت عقب الهزة الطائفية العنيفة، التي اعقبت تفجير ضريح الإمامين العسكريين"ع"، قبل قرابة عقد من الزمان، وتداعيات العنف الطائفي والتهجير التي أعقبتها.
في هذا المسار؛ تم تقديم تنازلات كبرى من الدولة، ومعها القوى السياسية المنخرطة في العملية السياسية، الى الأطراف الرافضة لها، وتشكلت آنذاك مؤسسات؛ تعنى بالمصالحة وبعناوين متعددة، معظمها لا تستند الى أساس دستوري، لكن في نهاية المطاف؛ حصلت قناعة أن المصالحة ضرورة لحقن دم العراقيين، وأن ثمنا باهضا يتعين دفعه للمضي في طريقها.
يتمثل هذا الثمن بأن يقبل الضحية، بأن يرى قاتله حرا طليقا، معززا مكرما يتلمض بدماء ضحاياه، فيما يبقى الضحايا يتشحطون بدمائهم.
بالمقابل؛ فإن الشعب المجروح المنكوب بمزيد من الآلام، لا يمكنه أن ينظر الى قاتليه بنفس الأريحية، التي يتفاعل بموجبها الساسة مع الموضوع.
إذ وبالنسبة لعامة الشعب، لا معنى لإطلاق سراح من ثبت تورطه في الدم العراقي، ومن غير المفهوم وجود مناطق بعينها، مغلقة على أبناء مكون معين، لا يمكن لغيرهم من العراقيين دخولها، لأن من يدخلها لن يكون بإمكانه أن يخرج منها، كما حصل في الرحالية قبل أيام، لسواق الشاحنات الـ 17.
الشعب لا يستطيع أيضا؛ تفهم إفلات من رفع السلاح بوجهه من العدالة، والمنطق يقول أن لا مهادنة مع حمَلة السلاح، إذ ما من حامل سلاح لم يتورط في الدم.
تصبح المصالحة مفهوما إنطلائيا، يأتي بنتائج عكسية على معظم المستهدفين بها، فكثير منهم فهموا رسالة المصالحة؛ فهما ذا دلالة سلبية، فقد ضنوا أن الشعب والدولة ضعيفان، وليسا قادرين على النيل منهم، بل وذهبوا مدى أبعد، تحت زيف مشاعر القوة الكاذب’، بأنهم أقوى من الدولة، وأن الدولة تخافهم، ولذلك شكلوا جيوشا مليشياوية تقاتل الدولة والشعب، ومنها جيش "داعش" الذي لا نشك لحظة واحدة، ان كثير من ساسة المكون الذي انتج "داعش"، يعتبرونه ميليشيتهم المدافعة عنهم!
المزاج العام اليوم في شأن المصالحة؛ وصل سريعاً إلى نقيض المزاج السابق، والحاجة ماسة؛ الى عقوبات رادعة للإرهاب وحواضنه، خصوصا في مناطق حزام بغداد التي تعج بالإرهابيين، وعلى المدى البعيد، فإن المصالحة الهشّة لن تعود بخير على العراقيين، إن لم تعقبها حلول جذرية، وإجابات عن كل المسائل العالقة.
كلام قبل السلام: المطلوب أن يكون للمصالحة أنياب وقرون، تقارع بها ثيران الإرهاب الأعمى..وليس بوس عمك بوس خالك..!
سلام...
https://telegram.me/buratha