طيب العراقي
"التفاهم" ألأخير بين تحالفي فتح وسائرون، أنعش الآمال على وضع العملية السياسية على سكتها الصحيحة مجددا، إذ أن نتائج الأنتخابات الأخيرة، ومنطق العقل والسياسية، كان يفترض بها أن تفرز كتلة برلمانية كبرى، مكونة من هذين التحالفين، لأسباب عديدة لعل أهمها هو أن قاعدتهما الجماهيرية واحدة، ومنطلقات تفكير ومتبنيات كليهما متقاربة، إن لم تكن متطابقة بشكل يكاد يكون تاما.
في هذا الصدد، كنا عشية الأنتخابات، وقبل إعلان نتائجها قد دعونا الى تشكيل كتلة برلمانية من التحالفين، بل وذهبنا في مقاربة مهمة، نشرناها في 28/آب/2018، الى ضرورة إعادة تشكيل التحالف الوطني، يكون أساسها تحالف بين فتح وسائرون.
لقد أنطلقنا في دعوتنا تلك، من نظرة إستشرافية الى المستقبل، الذي بتنا نعيشه الآن، والمتمثل بصعوبة المضي قدما نحو دولة قوية، دون أن يرتفع مستوى "التفاهم" بين التحالفين الكبيرين الى مستوى "تحالف"، واضعين نصب أعيننا توقعات تحديات ما بعد داعش، والمتمثلة بالوجود الأمريكي على أرضنا، وهو وجود مرفوض جملة وتفصيلا؛ من كلا فتح وسائرون، لإعتبارت مبدأية ينطلقان مكنها سوية.
ثمة أمر لا بد من الإشارة أليه، وهو أن جهات محلية تحولت الى أدوات خارجية، توصلت الى قناعة تامة، هي أن وجود التحالف الوطني؛ ككتلة أكبر في البرلمان العراقي, أي أنه الركن الأهم في العملية السياسية، سيكون من شأنه؛ عرقلة محططات الهيمنة الأمريكية بل وإفشالها، ولذلك عملت وبوقت مبكر الى تحويله؛ الى آلة ضخمة لكنها معطلة، فنشطت على إفراغه من محتواه، وحولته لمجرد فزاعة، يعتلى رأسها طيور الحقل!
كيف وصل وضع التحالف ألى ما وصل اليه قبل الأنتخابات؟ ومن الذي أفرغ التحالف الوطني من محتواه؟ المعطيات على أرض الواقع؛ تروي تفاصيل تدهور حالة التحالف الوطني, فبعض أطرافه, هي التي دأبت على تهديم أركانه، فدود الخل منه وفيه كما يقال.
منذ أن بدأ الصراع على السلطة بين القوى السياسية؛ داخل اروقة التحالف الوطني نفسه, أدركت القوى التي أحتلت الواجهة السياسية في الأعوام الماضية، أن وجودالتحالف الوطني كقوة سياسية ممأسسة، يقف حجر عثرة؛ في طريق ولعها وطمعها, وتخطيطها للانفراد بالسلطة، وبالفعل بدأ شبح "الزعامة" يتسلل ألى أروقة التحالف, فمشهد ما قبل 2003 عاد الى الواجهة مرة أخرى.
أذرع اخطبوط الشبهات بدأت تلتف شيئا فشيئا, حول عنق التحالف الوطني, مهددة بكسره, بعد أن كانت في بداية الأمر تحاول أخماد صوته فقط، مع ذلك فإن التغيير الذي طرأ على العملية السياسية, في إنتخابات 2018، أفرز نتائج كثيرة؛ منها أعادة الأمل بإمكانية أعادة الحياة للتحاف الوطني, وترميم بعض أركانه التي أفسدتها أمراض"الزعامة".
إلا أن مواقفا جديدة أنبثقت، بمجرد أن بدأت دعوات إعادة بناء التحالف الوطني تتصاعد, الا وهي أن بعض أركان الفشل في الحكومة السابقة، لم تتخل حتى آخر رمق، عن محاولة العودة الى السلطة، ولذلك سعوا بلا كلل الى منع أي تقارب بين فتح وسائرون، مع أن أي مقدار من التقارب بينهما، يصب بالتأكيد في مصلحة العراق والعراقيين، إلا أن هذه القوى أكتشفت أن ذلك؛ يعني إفشال مخططاتها التخادمية مع الخارج.
لذلك عملت بكل حولها وقوتها، أن تمنع إعادة تشكيل التحالف الوطني وبأي ثمن، وتلك نتيجة طبيعية ومتوقعة, فبعد أن يأس المتآمرين من الهيمنة على التحالف الوطني، وتسخيره ضمن المنظومة السعوأمريكية, عملوا على القضاء عليه.
التحالف الوطني ضرورة حتمية لا مفر منها لترشيد العملية السياسية، وهو يبحث عن من يرمم بنيانه ويعلي صرحه, لاعمن يبحث عن من يعتلي أكتافه ويمتطيه, وهو يبحث عمن يعيد جريان الدم في عروقه، فهل سيفعلها تحالفي الفتح وسائرون؟!
.....................
https://telegram.me/buratha