قاسم العجرش qasim_200@yahoo.com
قال لي: أنا أتابع معظم ما تكتب، ولكني أجدك لا تكتب أشياءا واضحة جدا، يتيسر للقاريء أن يفهمها بسرعة، أنتم المحترفون تلفون وتدورون حول ما تريدون، ثم تقولونه باردا في نهاية المطاف!
زممت شفتي الى بعضهما، وأصطنعت إبتسامة، ثم برقت فكرة الرد حارة كما يريد!
قلت له: نحن نكتب لا نحكي، والفرق كبير جدا بين ما يحكى وما يكتب، قال: لي لم أفهم! قلت له :كان أهلنا يذهبون الى (العرضحالجي)، ليكتب رسائلهم الى أقربائهم في المدن البعيدة، كانت رسائل ود أخوي، تبدأ بـ: ألأخ الوفي والدر الصفي، البدر الساطع، والنور اللامع، نحن في أحر الشوق لرؤيتكم، ولا يهمنا سوى ألم فراقكم، ويختمها بسؤالي عن صحتكم وطيب خاطركم، ويوقع (العرضحالجي) بدلا عن المرسل! وفي الأخير يكتب: ملحوظة: يسلم عليك فلان وفلان وفلان وفلان وأمك، لاحظ أنه ذكر أمه التي أنجبته في الأخير، لأن ذكر المرأة شيء مخجل!
نحن نكتب لنعيد كتابة الوقائع، حروفا وكلمات وجمل وعبارات، نحاول فيها مضاهاة الألم المتجمد، في صورة الطفل الذي ينظر الى الطبيب بصمت، وهو يقطع قدمه المهشمة، بتفجير في مدينة الكاظمية المقدسة، هل رأيت الصورة؟ حسنا، أنصحك أن تكتب بوضوح!
كيف يمكننا أن نكتب عن رجل زيتوني، يملأ وجهه شاربان طويلان، وعلى فخذه الأيمن يتدلى مسدس "طارق"، منقوش عليه صورة زعيمه، يركل في ليلة التاسع من محرم سنة 1997 قدر "القيمة"، فتندلق على الأرض؟..ها، كيف تريدني أن أكتب؟ يومها سمعت " القيمة" تندب يا حسين! الرجل كان ضابطا في زمن الطغيان، والآن أيضا صار ضابط ولكن برتبة أكبر، بل وقائد عمليات!
كيف يا صديقي تريدني أن أكتب بوضوح؟! وأنا مطلوب مني أن أنزف خفية، ولا أصرخ من الألم، لأني شيعي، وقادتي يطلبون من أن أكتم ألمي، لأن لذلك أهمية قصوى للمصالحة مع القاتل!
تعال يا صديقي معي؛ لنحدث الزمن الرخو، نواسي جروحنا العميقة، بالتعلق بما مضى ومن مضى، نستذكرهم بلغة مفهومة مثلما تريد، ونتمشى بالبساطة والوضوح الذي تبغي، في مقبرة وادي السلام في النجف، هناك خلف المغتسل القديم، حيث نسمع أم تحتضن قبر ولدها الوحيد، الذي جاءوها بجثته برأس مفصول عن الجسد، وهي تنوح نوح الحمام( دوارس ومن أصيح أبعدت عناي..التواسد بالكبر ما نشد عناي..يروحي من الطم والبجي عناي..البجي ودر أعيوني وعمل بيه).
تعال معي نكتب بوضوح و"شفافية"، عن مثابرتنا لحضور مجالس الفاتحة، كي نضمن أن يحضر ذوي الفقيد، مجلس فاتحتنا عندما تحين حائنتنا!
كلام قبل السلام: يريدوننا أن نكتب بحكمة وتعقل عن جراحنا، لأن بخلافه سيتهمنا الآخر بأننا طائفيون!
سلام..
https://telegram.me/buratha