المقالات

قائد يحتاجه العراق..!


طيب العراقي

 

كي نعرف القصة الكاملة لما جرى أو يجري؛ يفترض بمن يقصها علينا، أن ينقلها لنا بلغة تصويرية، قابلة لأن تتقبلها عقولنا على أنها صورة، والصورة المنقولة يجب أن تكون حية متحركة، ملتقطة من زوايا متعددة، تماما كما يفعل المخرجون السينمائيون، عندما يستخدمون كمحترفين، عدة كاميرات تصوير، ترصد المشهد من زوايا متعددة، لتقدم للمشاهد بعد تجميع الصور، صورة لحدث يتعامل معه، وكأنه قد جرى على أرض الواقع توا!

المخرجون السينمائيون، يبدأون مشاهد أفلامهم عادة، بلقطة بانورامية واسعة، لموقع الحدث، مدينة، محطة قطار، مطار، بحر، ساحة قتال، ثم ينتقلون الى مشاهد مقربة للحدث، تزداد قربا كلما أوغلوا في التفاصيل، لتصل الى تصوير رمش يرف هلعا، أو شفة ترتجف خوفا، أو حبات عرق تتساقط عن جبين منهك..

في معظم الأحوال؛ فإن المشاهد يتفاعل مع الصورة وينغمس فيها، الى حد يرى فيه نفسه جزءا من المشهد، فيتوقع ما سيحصل لاحقا بدرجة كبيرة.

في مشهدنا السينماسياسي العراقي، فشل الساسة المخرجون، في تقديم صورة بانورامية عما حدث، وبالنتيجة فشلنا نحن كمواطنين؛ بفهم ما يحدث، مع أننا نمثل عناصر المشهد!

الساسة العراقيين؛ لم يفشلوا فقط في تقديم تلك الصورة، فكان أن قدموا لنا صورة مشوشة تماما، عما سيحدث في المشهد التالي، ليس بسبب عدم إحترافيتهم فحسب، بل لأنهم تعمدوا أن يقلبوا الحقائق بطريقة فجة!

ذلك يحدث لندرة من  يمكنهم النعاطي مع السياسة بإحترافية، لذلك ساد المشهد هرج ومرج، بسبب كثرة هواة التصوير السياسي، المتزعمين التيارات السياسية المختلفة!

 هؤلاء الهواة؛ ولأنهم أنانيين يعشقون أنفسهم، يركزون على تصوير ذواتهم بلقطات مقربة جدا، مركزين على ما لديهم من حسنات، غاضين الطرف؛ عن ما حولهم من مساويء وعورات، ظنا منهم أن هذا ما سيسوقهم، ويقدمهم الى العراقيين على أنهم عباقرة أفذاذ!

الحقيقة أن العراق لا يحتاج إلى قائد، يشبه مقدم برنامج تلفزيوني لبق، يجيد ترتيب الجمل، يبرع في اللغة وقواعدها؛ أكثر من السياسة وحنكتها، ولا الى من يتفرد برأيه، يبحث عن سلطة، اقرب إلى الخيال لما هو في الحقيقة، ولا لمن يصطنع البطولة، ويتباهى بشعر أخيه، ولا إلى قائد مشرد الذهن، يدار عقله كما يدار قفل الباب، متقلب الرأي، يقبل في الصباح ويرفض في المساء، كلامه ساذج حد "العبط" أحيانا، جاهل بالسياسة لا يعرف ماذا يريد، يشجب ويستنكر ويؤيد ويدافع لنفس الموضوع!

العراق يبحث عن قائد ملهِم ملهَم، بكسر الهاء مرة وبفتحها مرة أخرى؛ يضع العراق بين أضلاعه وليس في جيبه..قائد يجمع مكونات العراقيين؛ على المبادئ والقيم النبيلة على اختلافها..يستثمر الطاقات كلها،..يوصل الرجل المناسب الى المكان المناسب، فيصنع القادة بحرفية ضمن برامج مدروسة..يؤهل ويبني ويؤسس لقاعدة جماهيرية قوية، صاحبة مبادئ وقيم، يستمد شرعيته منها..يبحث عن النقاط المشتركة دوما..برامجه مدرسة تدرس بها الأجيال فن قيادة الشعوب.

القائد الذي يحتاجه العراق؛ ليس بالضرورة أن يكون رئيسا للوزارة، بل يكفي كونه الراعي الرسمي لها!

"القائد" الذي لا يمتلك أمس، لا يمكنه صنع الغد، حتى إذا تحدث عنه بلا توقف!

في نهاية عرض الفلم، سيكتشف المخرجون الفاشلون، أن  لقطاتهم المملة أفرغت قاعة العرض من المشاهدين، وأنهم كانوا المشاهدين الوحيدين، لما صوروه وأخرجوه!

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك