قاسم العجرش qasim-200@yahoo.com
منذ أن تشكلت الدولة العراقية الحديثة، قبل حوالي قرن من الآن؛ وثمة ظاهرة تشكل العنوان الأبرز في الحياة السياسية العراقية، تتمثل هذه الظاهرة في إنفصال الساسة عن الشعب .
هذه ليست ظاهرة تخص العراق والعراقيين فقط، بل هي ظاهرة عالمية يكثر لحاظها في بلدان العالم الثالث، وبالخصوص في الأنظمة القومية والراديكالية؛ حيث تسود قيم البيروقراطية والتعالي؛ في تعاملات القيادات العليا مع سائر الأفراد والجماعات.
منطق الأشياء يفترض أن ينحسر وجود هذه الظاهرة، في الأ نظمة التي تنتهج الديمقراطية أسلوبا في بناء الدولة، لأن القيادات السياسية مضطرة لكسب ود الجماهير؛ أفرادا وجماعت ومنظمات، لنيل قبولها لإشغال المراكز التمثيلية والإدارية في الدولة..
هنا في العراق الأمر مختلف جدا، ويناقض منطق الصيرورة والإمكان مخالفة صارخة، فالساسة وشاغلي المستويات العليا من الإدارة وقادة العسكر، لا يعرفون إلا أنفسهم أو بعضهم بعض، بل تعجى الأمر الى أنهم أنهم باتوا منفصلست عن مجتمعاتهم، زد على ذلك أن كثير منهم، لا صلات لهم حتى مع أسرهم وأقاربهم!
لقد أحاط أعضاء هذه الطغمة المهترئة داخليا أنفسهم، بأسيجة من الكاريزمات الخادعة والأبهة الفارغة، الحقيقة أن لذلك أسباب عدة لا يمكن ان تفوت على الحصيف،فهم لا يريجون أن يقتربوا من أحد، أو أن يقترب أحد منهم، حتى لا يطلع على وضعين يسيران عندهم بشكل متواز!
الأول لأنهم يعانون من خواء داخلي مريع، يرافقه ضعف مركب في التواصل الإجتماعي، أدى الى غنفصال مجتمعي..تتصل بأحدهم هاتفيا فلا مجيب، تقرع الأبواب فلا تجد من يفتحها، تتواصل معهم في أماكن تواجدهم؛ فيصدون عنك..
الثاني لأنهم لصوص فاسدين، لا يريدون أن يطلع أحد على حجم فسادهم، ولا على الكم الهائل من ما سرقوه! لقد مسحت هذه الطغمة التي أعتلت ظهورنا في غفلة عنا، من ذاكرتها مسالك الوطن كلها، وأثبتوا طريقين فقط في هذه الذاكرة الموبوءة بالعنجهية والغرور؛الطريق الى المنطقة الخضراء وطريق المطار الدولي! أما الطرق الى باقي مفازات الوطن، أما الطرق الى حيث الذين وضعوهم في كراسيهم الوثيرة، أما الطرق الى أبناء جلدتهم وأبناء مدنهم، وعشائرهم وأسرهم وعوائلهم، أما الطرق الى مظالم المظلومين، وقهر المقهورين، وبيوت الجياع وأكواخ الأرامل والأيتام، فقد فقدوا البوصلة اليها..
لا أستثني منهم إلا النزر القليل، الذي بات كحبات اللؤلؤ في الصحراء..كلهم تقريبا هكذا!..ولم يكونوا مجبرين على فقدان الإتجاه، بل هم الذين قوقعوا أنفسهم، في ما هم فيه من عزلة بمحظ إرادتهم..وكلما يمر يوم من حياة شعبنا يزدادون إنعزالا؛ عن هذا الشعب المبتلى بهم!..
كلام قبل السلام: كل يوم يمر يبني هؤلاء النكرات حواجز جديدة، لتصبح عزلتهم عملية تراكمية، سيكون من العسير التخلص منها، فلقد أصبحت العنوان الأبرز لعملهم السياسي..!
سلام..
https://telegram.me/buratha